في محل يراه، ويؤمر بالتباعد حتى يقول لا أراه فتعرف المسافة ثم تعصب الصحيحة وتطلق العليلة ويؤمر بأن يقرب راجعا إلى أن يراه فيضبط ما بين المسافتين ويجب قسطه من الدية. ولو اتهم بزيادة الصحيحة ونقص العليلة امتحن في الصحيحة بتغيير ثياب ذلك الشخص وبالانتقال لبقية الجهات، فإن تساوت الغايات فصادق وإلا فلا، ويأتي نحو ذلك في السمع وغيره لكنهم في السمع صوَّروه بأن يجلس بمحل ويؤمر برفع صوته من مسافة بعيدة عنه بحيث لا يسمعه ثم يقرب منه شيئا فشيئا إلى أن يقول سمعته فيعلم (وفي الشم دية على الصحيح) كالسمع ففي إذهابه من أحد المنخرين نصف دية ولو نقص فقسطه إن أمكن وإلا فحكومة، ويأتي في الارتتاق هنا ما مر في السمع. ولو ادعى زواله امتحن فإن هش أو عبس حلف الجاني وإلا حلف هو، ولا يسأل الخبراء هنا؛ لأنه لا طريق لهم في معرفة زواله (وفي) إبطال (الكلام دية)، ويأتي هنا في الامتحان وانتظار العود ما مر، وفي إحداث عجلة أو نحو تمتمة حكومة وهو من اللسان كالبطش من اليد فلا تجب زيادة لقطع اللسان وكون مقطوعه قد يتكلم نادر جدا فلا يعول عليه (وفي بعض الحروف بقسطه) إن بقي له كلام مفهم وإلا فالدية؛ لزوال منفعة الكلام (و) الحروف (الموزع عليها ثمانية وعشرون حرفا في لغة العرب) فلكلِّ حرف ربع سبع الدية وأسقطوا ((لا)) لتركبها من الألف واللام. وتوزع في لغة غير العرب إذا كان المجني عليه منهم على حروفها قلَّت أو كثرت كأحد وعشرين في لغة وأحد وثلاثين في أخرى. ولو تكلم بهاتين وزِّع على أكثرهما (وقيل لا توزع على الشفهية) وهي الباء والفاء والميم والواو (والحلقية) -وهي الهمزة والهاء والعين والغين والحاء والخاء- بل على اللسانية; لأنها التي بها النطق. ولو أذهب حرفا له فعاد له حرف لم يكن يحسنه وجب للذاهب قسطه من الحروف التي يحسنها قبل الجناية (ولو عجز عن بعضها خلقة أو بآفة سماوية) وله كلام مفهم فجنى عليه فذهب كلامه (فدية)؛ لوجود نطقه وضعفه لا يمنع كمال الدية فيه كضعف البطش والبصر (وقيل) فيه (قسط) من الدية، (أو) عجز عن بعضها (بجناية فالمذهب لا يكمل) فيها (دية)؛ لئلا يتضاعف الغرم فيما أبطله الجاني الأول، وقضيته أنه لا أثر