للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَا رَأْيٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ. وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِالْبَيْعَةِ، وَالْأَصَحُّ بَيْعَةُ أَهْلِ الحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ، وَشَرْطُهُمْ صِفَةُ الشُّهُودِ وَبِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ،

(ذا رأي) يسوس به الرعية ويدبر مصالحهم الدينية والدنيوية، وأدناه أن يعرف أقدار الناس (وسمع) وإن قل (وبصر) وإن ضعف بحيث لم يمنع التمييز بين الأشخاص، أو كان أعور، أو أعشى (ونطق) يُفهَم وإن فقد الذوق والشم، وذلك؛ ليتأتى منه فصل الأمور، وعدلا كالقاضي بل أولى، فلو اضطر لولاية فاسق جاز، ومن ثم لو تعذرت العدالة في الأئمة والحكام قدمنا أقلهم فسقا، وسليما من نقص يمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض. وتعتبر هذه الشروط في الدوام أيضا إلا العدالة فلا ينعزل بالفسق وإلا الجنون إذا كان زمن الإفاقة أكثر وتمكن فيه من أموره وإلا قطع يد أو ةرجل فيغتفر دواما لا ابتداء بخلاف قطع اليدين أو الرجلين لا يغتفر مطلقا. (وتنعقد الإمام) بطرق:

أحدها (بالبيعة) كما بايع الصحابة أبا بكر رضي الله تعالى عنهم، (والأصح) أن المعتبر هو (بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم) حالة البيعة بأن لم يكن فيه كلفة عرفا، ويكفي بيعة واحد انحصر الحل والعقد فيه، أما بيعة غير أهل الحل والعقد من العوام فلا عبرة بها، ويشترط عدم رده لبيعتهم، فإن امتنع لم يجبر إلا إن لم يصلح غيره، (وشرطهم) أي المبايعين (صفة الشهود) من العدالة وغيرها مما يأتي أول الشهادات، ويشترط كون المبايع أيضا ذا رأي وعلم ليعلم وجود الشروط والاستحقاق فيمن يبايعه، ويشترط شاهدان إن اتحد المبايع؛ لأنه لا يقبل قوله وحده فربما ادُّعِي عقدٌ سابق وطال الخصام فيه لا إن تعدد أي لقبول شهادتهم بها حينئذ فلا محذور.

(و) ثانيها (باستخلاف الإمام) واحدا بعده ولو فرعه أو أصله، ويعبّر عنه بعهده إليه كما عهد أبو بكر إلى عمر رضي الله عنهما وانعقد الإجماع على الاعتداد بذلك، وصورته أن يعقد له الخلافة في حياته ليكون هو الخليفة بعده فهو وإن كان خليفة في حياته لكن تصرفه موقوف على موته، ويشترط قبوله لفظا، ووقته من العهد إلى الموت، فلو أخَّره (١) إلى ما بعد الموت لم


(١). أي القبول عند الشارح والمغني، ومرجع الضمير عند النهاية هو عقد الخلافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>