للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِهَا فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَثَالِثًا يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرَابِعًا رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ. وَيُغْمَسُ مَحَلُّ الْقَطْعِ بِزَيْتٍ أَوْ دُهْنٍ مُغْلًى، قِيلَ: هُوَ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ حَقُّ المَقْطُوعِ، فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ

لم يفوضه الإمام (١)، أما بقية الحدود فمع كونها يمتنع التوكيل في استيفائها لا تقع موقعاً لو استوفت حينئذٍ (فإن سرق ثانيا بعد قطعها) واندمل القطع الأول (فرجله اليسرى) هي التي تقطع (و) إن سرق (ثالثا) قطعت (يده اليسرى، و) إن سرق (رابعا) قطعت (رجله اليمنى)؛ لخبر الشافعي بذلك، أما قبل قطعها فسيأتي. هذا كله حيث لا زائدة وشبهها على معصمه وإلا قطعت أصلية إن تميزت وأمكن استيفاؤها بدون الزائدة، أما إن لم تتميز الأصلية من غيرها فتقطع أحدهما، أو لم يمكن استيفاء الأصلية بدون الزائدة فتقطعان (٢)، نعم قولهم ((ثم فإن لم تتميز الزائدة عن الأصلية بأن كانتا أصليتين أو إحداهما ولم تتميز)) غامض إذ كيف يعلم مع عدم التميز أنهما أصليتان تارة أو إحداهما فقط تارة أخرى؟ وقد يجاب بتصور ذلك بأن يخلقا معا أو مرتبا ويستويا فيحكم على كل من الأوليين بالأصالة وعلى إحدى الأخريين بالأصالة فقط، وليس مجرد التقدم مقتضيا للأصالة فإن لم يكن له إلا زائدة قطعت وإن فقدت أصابعها. وتقطع إحدى أصليتين في سرقة والأخرى في أخرى كزائدة صارت بعد قطع الأصلية أصلية بأن صارت عاملة فتقطع في سرقة أخرى، وتُعرف الزيادة بنحو فحش قصر ونقص أصبع وضعف بطش، (وبعد ذلك) أي قطع الأربع إذا سرق، أو سرق أولا ولا أربع له (يعزر)؛ لأنه لم يرد فيه شيء يُعْتَدُّ به. أما إذا لم يكن له الأربع فيقطع في الأولى ما يؤخذ في الثانية، بل الرابعة بأن لم يكن له إلا رجل يمنى; لأنه لما لم يوجد ما قبلها تعلق الحق بها. (ويغمس) ندبا (محل قطعه بزيت) خُصَّ كأنه لكونه أبلغ (أو دهن) آخر (مُغْلَى (٣)؛ لصحة الأمر به (قيل هو) أي الحسم (تتمة للحد) فيلزم الإمام فعله هنا لا في القود؛ لأن فيه مزيد إيلام يحمل المقطوع على تركه (والأصح أنه حق المقطوع) ; لأنه تداو يدفع الهلاك بنزف الدم، ومن ثم لم يجبر على فعله (فمؤنته عليه) هنا، وكذا على الأول ما لم يجعله الإمام


(١). وتقدم أن يد السارق معصومة على مثلها سواء المسروق منه وغيره ٨/ ٣٩٩.
(٢). خلافا لهما فاعتدا أنه لا تقطع يدان مطلقا بسرقة واحدة حتى إذا لم يمكن قطع أحدهما بدون الأخرى انتقل لما بعدهما.
(٣). ومال المغني إلى جعل الزيت للحضري والنار للبدوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>