للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِكَلَامٍ وَاسْتِغَاثَةٍ حَرُمَ الضَّرْبُ، أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ، أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا، أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ هَرَبٌ فَالمَذْهَبُ وُجُوبُهُ، وَتَحْرِيمُ قِتَالٍ

(ويدفع الصائل) المعصوم على شيء مما مر، ومنه أن يدخل دار غيره بغير إذنه ولا ظن رضاه (بالأخف) فالأخف باعتبار غلبة ظن المصول عليه، ويجوز هنا العض، ومحله بعد الضرب وقبل قطع العضو (فإن أمكن) الدفع (بكلام) يزجره به (١) (أو استغاثة حرم الضرب) وظاهره استواء الزجر والاستغاثة وهو متجه إن لم يترتب على الاستغاثة إلحاق ضرر به أقوى من الزجر كإمساك حاكم جائر له وإلا وجب الترتيب بينهما. وواضح أنا وإن أوجبناه فهو بالنسبة لغير الضمان لما علم مما مر أنه لا ضمان بمثل ذلك كالإمساك للقاتل (أو بضرب بيده حرم سوط أو بسوط حرم عصا أو بقطع عضو حرم قتل) ; لأنه جُوِّز للضرورة ولا ضرورة للأغلظ مع إمكان الأسهل، ومتى انتقل لمرتبة مع الاكتفاء بدونها ضمن، فيجب الترتيب ولو لمن رأى مولجا في أجنبية لكن إن كان الواطئ غير محصن، نعم له الدفع بالقتل إن أدى الدفع بغيره إلى مضي زمن وهو متلبس بالفاحشة، أما المحصن فله قتله باطنا (٢). ولو لم يجد المصول عليه إلا سيفا جاز له الدفع به وإن كان يندفع بالعصا; إذ لا تقصير منه في عدم استصحابها، ولذلك من أحسن الدفع بطرف السيف من غير جرح ضمن إن دفع بحد السيف بخلاف من لا يحسن. ولو التحم القتال بينهما خرج الأمر عن الضبط سيما لو كان الصائلون جماعة؛ إذ رعاية الترتيب حينئذ تؤدي إلى إهلاكه. أما المهدر كزان محصن وتارك صلاة بشرطه، فلا تجب مراعاة هذا الترتيب فيه، (فإن) صال محترم على نفسه و (أمكن) ـه (هرب) أو تحصُّن منه بشيء وظن النجاة به وإن لم يتيقنها (فالمذهب وجوبه وتحريم قتال) ; لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون فالأهون، فإن لم يهرب وقتله لزمه القود. ولو صيل على ماله ولم يمكنه الهرب به لم يلزمه أن يهرب ويدعه له، أو على بضعه وجب على البضع الهرب فإن لم يمكنه ثبت صاحب البضع إن أمن على نفسه. ولو صال عليه مرتد أو حربي لم يجب هرب بل لا يجوز حيث حرم الفرار. ولو أمكنه الهرب لم يحرم عليه الزجر بالكلام إن كان غير شتم فإن لم ينزجر


(١). ولو بالحلف كما أشار إليه الشارح في الوديعة ٧/ ١٢١.
(٢). نص عليه في الفتح وهو ظاهر التحفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>