للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا جَازَ رَمْيُهُمْ فِي الْأَصَحِّ. وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ عَنْ الصَّفِّ إذَا لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْنَا إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا، وَيَجُوزُ إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الْأَصَحِّ

(وإلا) بأن تترسوا بهم في حال التحام الحرب واضطررنا لرميهم بأن كنا لو انكففنا عنهم ظفروا بنا أو عظمت نكايتهم فينا (جاز) وقيل يجب (رميهم في الأصح) ويُتَوَقَّوْنَ بحسب الإمكان; لأن مفسدة الكف عنهم أعظم ويحتمل هلاك طائفة للدفع عن بيضة الإسلام، ومع الجواز أو الوجوب يضمن المسلم ونحو الذمي بالدية أو القيمة والكفارة إن علم وأمكن توقيه (١). (ويحرم الانصراف) على من هو من أهل فرض الجهاد الآن لا غيره ممن مر (عن الصف) بعد التلاقي وإن غلب على ظنه أنه إذا ثبت قتل؛ لقوله تعالى {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} الأنفال: ١٥. وخرج بالصف ما لو لقي مسلم كافرين فطلبهما أو طلباه فلا يحرم عليه الفرار; لأن فرض الثبات إنما هو في الجماعة. ولأهل بلد قُصِدُوا التحصن منهم; لأن الإثم إنما هو فيمن فر بعد اللقاء. ولو ذهب سلاحه وأمكنه الرمي بالحجارة لم يجز له الانصراف، وكذا من مات فرسه وأمكنه القتال راجلا، نعم إذا غلب ظن الهلاك بالثبات من غير نكاية فيهم وجب الفرار (إذا لم يزد عدد الكفار على مثلينا)؛ للآية. أما إذا زادوا على المثلين فيجوز الانصراف مطلقا (إلا متحرفا لقتال) أي منتقلا عن محله ليكمن أو لأرفع منه أو أصون عن نحو شمس أو ريح أو عطش (أو متحيزا) أي ذاهبا (إلى فئة) من المسلمين وإن قلَّت (يستنجد بها) على العدو وهي قريبة بأن يكون بحيث يدرك غوثها المتحيز عنهما عند الاستغاثة؛ للآية، ولا يلزم تحقيق قصده بالرجوع للقتال; لأن الجهاد لا يجب قضاؤه، والكلام فيمن تحرف أو تحيز بقصد ذلك ثم طرأ له عدم العود، أما جعله وسيلة لذلك فشديد الإثم؛ إذ لا تمكن مخادعة الله في العزائم (ويجوز) التحيز (إلى فئة بعيدة) حيث لا أقرب منهم أي تطيعه في ظنه (في الأصح)؛ لإطلاق الآية وإن انقضى القتال قبل عوده أو مجيئهم اكتفاءً باجتماعهم في دار الحرب بل وإن كان فيه انكسار لقلب من انهزم منهم (٢). ولا يشترط لحله استشعاره عجزا محوجا إلى الاستنجاد.


(١). صريح في أن الكفارة أنما تجب بالقيدين المذكورين خلافا لشرح الروض والمغني.
(٢). كما في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>