للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُؤْخَذُ الجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي المِيزَانِ، وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ، وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ، وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ بِالْأَدَاءِ وَ حَوَالَةٌ عَلَيْهِ وَأَنْ يَضْمَنَهَا، قُلْتُ: هَذِهِ الهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً. وَاَللهُ أَعْلَمُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ المُسْلِمِينَ

ويصدق في وقت إسلامه بيمينه إذا حضر وادعاه. ولو حجر عليه بفلس في خلالها ضارب الإمام مع الغرماء بحصة ما مضى (١) (وتؤخذ الجزية) ما لم تؤد باسم الزكاة (بإهانة فيجلس الآخذ ويقوم الذمي ويطأطئ رأسه ويحني ظهره ويضعها في الميزان ويقبض الآخذ لحيته ويضرب) بكفه مفتوحة (لِهزِمتيه) وهما مجتمع اللحم بين الماضغ والأذن من الجانبين أي كلا منهما ضربة واحدة، ويقول له يا عدو الله أدِّ حق الله، (وكله) أي ما ذكر (مستحب، وقيل واجب) ; لأن بعض المفسرين فسر الصغار في الآية بهذا، (فعلى الأول له توكيل مسلم) وذمي (بالأداء) لها (وحوالة) بها (عليه) أي المسلم (و) للمسلم (أن يضمنها) عن الذمي، وعلى الثاني يمتنع كل ذلك؛ لفوات الإهانة الواجبة حتى في توكيل الذمي; لأن كلا مقصود بالصغار، (قلت: هذه الهيئة باطلة)؛ إذ لا أصل لها من السنة ولا فعلها أحد من الخلفاء الراشدين، ومن ثم نص في الأم على أخذها بإجمال أي برفق من غير ضرر أحد ولا نيله بكلام قبيح قال: والصغار أن يجري عليهم الأحكام لا أن يضربوا ويؤذوا (ودعوى استحبابها) فضلا عن وجوبها (أشد خطأ والله أعلم) فيحرم فعلها (٢)؛ لما فيها من الإيذاء من غير دليل (ويستحب للإمام) أو نائبه (إذا أمكنه) شرط الضيافة عليهم لقوتنا مثلا (أن يشرط عليهم إذا صولحوا في بلدهم) أو بلادنا (ضيافة من يمر بهم من المسلمين) ولو غنيا غير مجاهد؛ للاتباع، ولا يدخل عاص بسفره; لأنه ليس من أهل الرخص، بل ولا من كان سفره دون ميل; لأنه حينئذ لا يسمى ضيفا. وذكر المسلمين قيد في الندب لا الجواز. ولو صالحوا عن الضيافة بمال فهو لأهل الفيء، وإنما يشرط ذلك حال كونه.


(١). خلافاً لهما كالشهاب الرملي من أن الإمام يضارب مع الغرماء حالاً إن قسم المال، وإلا فآخر الحول؛ إذ ظاهر كلامهم أنه يجوز تأخير القسمة إلى آخر الحول، وهذا حسب ما يظهر لي من عباراتهم.
(٢). اقتصر عليه المغني وزاد النهاية إن غلب على الظن تأذيه بها وإلا فتكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>