للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ أُضْحِيَةِ تَطَوُّعٍ، وَإِطْعَامُ الْأَغْنِيَاءِ، لَا تَمْلِيكُهُمْ، وَيَأْكُلُ ثُلُثًا، وَفِي قَوْلٍ نِصْفًا، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِبَعْضِهَا،

أنه لا يصح تفويض النية للوكيل وليس على إطلاقه بل له تفويضها لمسلم مميز وكيل في الذبح أو غيره لا كافر ولا نحو مجنون وسكران؛ لأنهم ليسوا من أهلها، ويكره استنابة كافر وصبي في الذبح (وله) أي المضحي عن نفسه ما لم يرتد؛ إذ لا يجوز لكافر الأكل منها مطلقا، ويؤخذ منه أن الفقير والمهدى إليه لا يطعمه منها (١) (الأكل من أضحية تطوعٍ) وهديه بل يسن؛ لقوله تعالى {فَكُلُوا مِنْهَا} الحج: ٣٦. أما الواجبة فلا يجوز الأكل منها سواء المعينة ابتداء أو عما في الذمة. ولا يجوز الأكل من نذر المجازاة قطعا؛ لأنه كجزاء الصيد وغيره من جبران الحج (و) له (إطعام الأغنياء) المسلمين منه نيئا ومطبوخا؛ لقوله تعالى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الحج: ٣٦ والقانع السائل والمعتر المتعرض للسؤال (لا تمليكهم) شيئا منها للبيع مثلا، بل يرسل إليهم على سبيل الهدية فلا يتصرفون فيه بنحو بيع وهبة بل بنحو أكل وتصدق وضيافة لغني أو فقير مسلم; لأن غايته أنه كالمضحي، نعم يملكون ما أعطاه الإمام لهم من ضحية بيت المال (ويأكل ثلثا) أي يسن لمن ضحى لنفسه أن لا يزيد في الأكل عليه، ثم الأكمل كما يأتي أن لا يأكل منها إلا لقما يسيرة تبركا بها؛ للاتباع، ودونه أكل ثلث والتصدق بثلثين، ودونه أكل ثلث والتصدق بثلث وإهداء ثلث؛ قياسا على هدي التطوع (٢) (وفي قول) قديمٍ يأكل (نصفا) أي يسن أن لا يزيد عليه ويتصدق بالباقي، (والأصح وجوب تصدق) أي إعطاء ولو من غير لفظ مملك (ببعضها) مما ينطلق عليه الاسم؛ لأنها شرعت رفقا بالفقير، والمراد بالبعض المذكور ما يخرج عن القدر التافه إلى ما جرى في العرف أن يتصدق به فيها من القليل الذي يؤدي الاجتهاد إليه. ويجب أن يُملِّكه نيئا طريا لا قديدا، ولا يجزئ ما لا يسمى لحما مما يأتي في الأيمان، ومنه جلد ونحو كبد وكرش؛ إذ ليس طيبها كطيبه، وكذا ولد بل له أكل كله وإن انفصل قبل ذبحها، ولا يكفي التصدق بالشحم. وللفقير التصرف فيه ببيع وغيره لمسلم. ولو أكل الكل أو أهداه غرم قيمة ما يلزم التصدق به. ولا يصرف شيء منها لكافر على النص ولا لقن إلا


(١). أي لا يطعم الكافر منها.
(٢). ظاهره أنه علة للمرتبتين الأخيرتين، وجعله المغني وشيخ الإسلام علة لسن مطلق الأكل من أضحية تطوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>