للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي قَوْلٍ مَا الْتَزَمَ، وَفِي قَوْلٍ أَيُّهُمَا شَاءَ. قُلْتُ: الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاَللهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتُ فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ، وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ

مسلم ((كفارة النذر كفارة يمين))، ولا كفارة في نذر التبرر قطعا فتعين حمله على نذر اللجاج، (وفي قول ما التزم)؛ لخبر ((من نذر وسمى فعليه ما سمى)(وفي قول أيهما شاء) ; لأنه يشبه النذر من حيث إنه التزم قربة واليمين من حيث إن مقصوده مقصود اليمين ولا سبيل للجمع بين موجبيهما ولا لتعطيلهما فوجب التخيير. (قلت: الثالث أظهر ورجحه العراقيون، والله أعلم)؛ لما قلنا، أما إذا التزم غير قربة كلا آكل الخبز فيلزمه كفارة يمين بلا نزاع، ومن نذر اللجاح ما يعتاد على ألسنة الناس العتق يلزمني أو يلزمني عتق عبدي فلان أو والعتقِ (١) لا أفعل أو لأفعلن كذا، فإن لم ينو التعليق فلغو وإن نواه تخير، ثم إن اختار العتق أو عتق المعين أجزأه مطلقا، أو الكفارة وأراد عتق المعين عنها اعتبر فيه صفة الإجزاء. ولو قال إن فعلت كذا فعبدي حر ففعله عتق قطعا; لأن هذا محض تعليق ليس فيه التزام بنحو عليَّ، وقوله العتق أو عتقُ قني فلان يلزمني أو والعتق ما فعلت كذا لغو; لأنه لا تعليق فيه ولا التزام والعتق لا يحلف به إلا على أحد ذينك وهما هنا غير متصورين. (ولو قال إن دخلت) الدار مثلا (فعليَّ كفارة يمين أو) فعليَّ كفارة (نذرٍ لزمه) في الصورتين (كفارة بالدخول)؛ تغليبا لحكم اليمين في الأولى ولخبر مسلم في الثانية. أما إذا قال فعلي يمين فلغو; لأنه لم يأت بصيغة نذر ولا حلف وليست اليمين مما يلتزم في الذمة، أو فعليّ نذر تخيّر بين قربة ما من القرب -كتسبيح وصلاة ركعتين- وكفارة يمين. (ونذر تبرر) سُميَّ به; لأنه لطلب البر أو التقرب إلى الله تعالى (بأن يلتزم (٢) قربة (٣) أو صفتها المطلوبة فيها كما يأتي آخر الباب (إن حدثت نعمة) تقتضي سجود الشكر (أو ذهبت نقمة) تقتضي ذلك أيضا، ومر بيانهما في بابها لكن المعتمد أنهما لا يتقيدان بذلك بل بكل ما يجوز -من غير كراهة- أن يدعى الله تعالى به.


(١). صريحه بالجر كالنهاية خلافا لما جزم به المغني.
(٢). بل يكفي الوعد بالالتزام، فلو قال إن سلم مالي أعتقت عبدي انعقد نذره إن نوى به الالتزام، ذكره الشارح في باب الضمان.
(٣). وذكر الشارح في كتاب النكاح انعقاد النذر بالنكاح إن ندب؛ لوجود الحاجة والأهبة ٧/ ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>