للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاطِقٌ كَافٍ مُجْتَهِدٌ وَهُوَ مَن يَعْرِفَ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ، وَعَامَّهُ وَخَاصَّهُ، وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيَّنَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَمُتَوَاتِرَ السُّنَّةِ وَغَيْرَهُ،

الصورة وإن قربت بخلاف من يميزها إذا قربت بحيث يعرفها ولو بتكلف ومزيد تأمل وإن عجز عن قراءة المكتوب. ومَن اطردت عادته أن يُبصر نهارا فقط صحت توليته إذا وُلِّي في النهار، وينفذ حكمه فيه دون الليل، ومن يبصر ليلا فقط تصح توليته إذا وُلِّي في الليل، وينفذ حكمه فيه دون النهار. ويتجه في بصير عَرَض له نحو رمد صيَّره لا يميز إلا بنحو الصوت أنه لا يصح قضاؤه في زمن عدم التمييز، وظاهرٌ أنه لا ينعزل به؛ لقرب زواله مع كمال من طرأ له (ناطق) فلا يُوَلَّى أخرس وإن فهم إشارته كل أحد؛ لعجزه عن تنفيذ الأحكام كسابقيه (كافٍ)؛ للقيام بمنصب القضاء بأن يكون ذا نهضة ويقظة تامة وقوة على تنفيذ الحق، فلا يُوَلَّى مغفل ومختل نظر بكبر أو مرض وجبان ضعيف النفس، والمراد باليقظة التامة العقل الاكتسابي، أي أن يخرج عن التغفل واختلال الرأي، أما الزائد على ذلك -بحيث يرجع إليه العقلاء في رأيه وتدبيره- فمندوب كما يندب كونه ذا حلمٍ وتثبت ولين وصحة حواس وأعضاء وعلمٍ بالكتابة (مجتهد) فلا يصح تولية جاهل ومقلد وإن حفظ مذهب إمامه؛ لعجزه عن إدراك غوامضه وتقرير أدلته; إذ لا يحيط بهما إلا مجتهد مطلق. ويشترط (١) علمه بالحساب المحتاج إليه في المسائل الغالب وقوعها لا غير، ولا يشترط معرفته بلغة أهل ولايته وعكسه، ومحلهما إن كان ثَمَّ عدل يُعَرِّفه بلغتهم ويُعَرِّفُهم بلغته. ولو وُلِّي من لم يُعلم اجتماع تلك الشروط فيه ثم بانت فيه صحت توليته (٢)، وللمُوَلِّي إن لم يعلم أن يعتمد في الصالح على شهادة عدلين عارفين بما ذكر. ويسن له اختباره؛ ليزداد فيه بصيرة (وهو) أي المجتهد (من يعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام) وإن لم يحفظ ذلك عن ظهر قلب، ولا ينحصر في خمسمائة آية ولا خمسمائة حديث، ويكفي اعتماده فيها على أصل مصحح عنده يجمع غالب أحاديث الأحكام -كسنن أبي داود- مع معرفة اصطلاحه وما للناس فيه من نقد ورد (وعامه وخاصه) ومطلقه ومقيده (ومجمله ومبينة وناسخه ومنسوخه) والنص والظاهر والمحكم (ومتواتر السنة وغيره) وهو آحادها; إذ لا يتمكن من الترجيح عند تعارضها إلا بمعرفة ذلك


(١). خلافا للمغني فاعتمد عدم الاشتراط مطلقا.
(٢). وفاقا للنهاية وخلافا للمغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>