للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إذَا وَلَّى قَاضِيًا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ، فَإِنْ نَهَاهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا غَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَشَرْطُ المُسْتَخْلَفِ كَالْقَاضِي، إلَّا أَنْ يُسْتَخْلَفَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَيَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا،

(ويندب للإمام) ومن أُلحق به (إذا ولى قاضيا أن يأذن له في الاستخلاف)؛ ليكون أسهل له وأقرب لفصل الخصومات، ويتأكد ذلك عند اتساع الخطة (وإن نهاه) عنه (لم يستخلف) استخلافا عاما; لأنه لم يرض بنظر غيره. ولو فوض له حينئذ ما لا يمكنه القيام به نفذ فيما يمكنه ولا يستخلف. وله إذا ولَّاه بلدتين متباعدتين كبغداد والبصرة أن يختار مباشرة القضاء في إحداهما. وأما الاستخلاف الخاص كتحليف وسماع بينة فقضية كلام الأكثرين منعه أيضا، وقال جمع متقدمون يجوز واختاره الأذرعي إلا أن ينص على المنع منه، نعم التزويج والنظر في أمر اليتيم ممتنع حتى عند هؤلاء كالاستخلاف العام. (وإن أطلق) الاستخلاف استخلف مطلقا -فيما لايقدر عليه وغيره-، أو أطلق التولية فيما لا يقدر إلا على بعضه (استخلف) إن كان بمحل ولايته (فيما لا يقدر عليه)؛ لحاجته إليه (لا غيره في الأصح)؛ تحكيما لقرينة الحال. ولو طرأ عدم القدرة بعد التولية لنحو مرض أو سفر استخلف جزما إن نهاه عن الاستخلاف نهياً مطلقاً، أما إن نهاه عن الاستخلاف ولو بعذر فلا يستخلف. (وشرط المُسْتَخْلَف كالقاضي) ; لأنه قاض (إلا أن يُسْتَخْلَف في أمر خاص كسماع بينة) وتحليف (فيكفي علمه بما يتعلق به) من شرط البينة أو التحليف مثلا ولو عن تقليد، ومن ذلك نائب القاضي في القرى إذا فوَّض له سماع البينة فقط يكفيه العلم بشروطها ولو عن تقليد، وليس مثله من نصب للجرح والتعديل; لأنه حاكم. وللقاضي استخلاف ولده ووالده (١) كما أن للإمام توليتهما، نعم لو فوَّض الإمام اختيار قاض أو توليته لرجل لم يجز له اختيارهما; لأن التهمة هنا أقوى؛ للفرق الواضح بين القاضي المستقل والنائب في التولية، نعم محل جواز تولية القاضي لهما إن صحت توليته -أي القاضي- وحمدت سيرته وكانا كذلك (ويحكم) الخليفة (باجتهاده أو اجتهاد مقلَّده) لا غير (إن كان مقلدا) فلا يجوز له الحكم بغير مذهب إمامه وإن تأهل للنظر والترجيح، بل لا يجوز لغير متبحر حكم بغير معتمد مذهبه،


(١). قيده في المغني بما إذا ثبتت عدالتهما عند غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>