للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَّخِذُ دِرَّةً لِلتَّأْدِيبِ، وَ سِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَتَعْزِيرٍ. وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ مَجْلِسِهِ فَسِيحًا بَارِزًا مَصُونًا مِنْ أَذَى حَرٍّ وَبَرْدٍ لَائِقًا بِالْوَقْتِ وَالْقَضَاءِ لَا مَسْجِدًا. وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي حَالِ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ، وَكُلِّ حَالٍ يَسُوءُ خُلُقُهُ فِيهِ،

الشهادة وانتفاء التهمة فلا يقبل ذلك من نحو أصل أو فرع إن تضمن حقا لهما. وخرج بإسماع القاضي إسماع الخصم ما يقوله القاضي أو خصمه فيكفي فيه واحد; لأنه إخبار محض (ويتخذ) ندبا (دِرّة للتأديب)؛ اقتداء بعمر -رضي الله عنه-، ويضرب بها الأراذل لا المستورين. وله التأديب بالسوط (وسجنا لأداء حق وتعزير) كما فعله عمر -رضي الله عنه- بدار اشتراها بمكة وجعلها سجنا. (ويستحب كون مجلسه) الذي يقضي فيه (فسيحا (١) ; لئلا يتأذى به الخصوم (بارزا) أي ظاهرا؛ ليعرفه كل أحد، ويكره اتخاذ حاجب لا مع زحمة أو في خلوة (مصونا من أذى) نحو (حر وبرد) وريح كريه وغبار ودخان (لائقا بالوقت) أي الفصل كمهب الريح وموضع الماء في الصيف، والكِن في الشتاء، والخضرة في الربيع (٢) (و) لائقا بوظيفة (القضاء) التي هي أعظم المناصب وأجل المراتب بأن يكون على غاية من الأبهة والحرمة والجلالة فيجلس مستقبل القبلة داعيا بالتوفيق والعصمة والتسديد متعمما متطيلسا على عالٍ به فرش ووسادة؛ ليتميز به وليكون أهيب وإن كان من أهل الزهد والتواضع؛ للحاجة إلى قوة الرهبة والهيبة، ومن ثم كره جلوسه على غير هذه الهيئة (لا مسجدا) أي لا يتخذه مجلسا للحكم فيكره ذلك; لأن مجلس القاضي يغشاه نحو الحِيَّض (٣) والدواب ويقع فيه اللغط والتخاصم، والمسجد يصان عن ذلك، نعم إن اتفق عند جلوسه فيه قضية أو قضايا فلا بأس بفصلها، وكذا إذا جلس فيه لعذر نحو مطر، وإقامة الحدود فيه أشد كراهة، وأُلحق بالمسجد بيته ويتعين حمله على ما إذا كان بحيث يحتشم الناس دخوله بأن أعده مع حالة يحتشم الناس الدخول عليه لأجلها، أما إذا أعده وأخلاه من نحو عيال وصار بحيث لا يحتشمه أحد في الدخول عليه فلا معنى للكراهة حينئذ. (ويكره أن يقضي) بحكم -سواء أكان للاجتهاد فيه مجال أوْ لا- (في حال غضب) لا لله تعالى (وجوع وشبع مفرطين وكل حال يسوء خلقه فيه) كمرض ومدافعة


(١). أفاد الأسنى والمغني أن محله إن اتحد الجنس.
(٢). هنا رد الشارح على من استحسن عبارة الرافعي كالمغني.
(٣). وحينئذ يجوز أن يدخل كافر للمسجد للتقاضي كما أفاده الشارح في باب الغسل ١/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>