للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي أَلَكَ بَيِّنَةٌ، وَأَنْ يَسْكُتَ، فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ وَأُرِيدُ تَحْلِيفَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، أَوْ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ

بجواب دعواي وجب على القاضي ذلك وإلا لزم بقاؤهما متخاصمين (فإن أقر) حقيقة أو حكما (فذاك) ظاهر فيلزمه ما أقر به؛ لثبوت الحق بالإقرار من غير حكم؛ لوضوح دلالته بخلاف البينة، ومن ثم لو كانت صورة الإقرار مختلفا فيها احتيج للحكم. وله أن يدفع المال عن أحد الخصمين؛ لعود النفع إليهما، وأن يشفع له إن ظن قبوله لا عن حياء وإلا أثم. ويحرم عليه أن يقول عليّ ضمانه إن قويت قرينة ذلك الاتهام (وإن أنكر فله أن يقول للمدعي ألك بينة؟)؛ لخبر مسلم به، أو شاهد مع يمينك إن ثبت الحق بهما. وإن كانت اليمين بجانب المدعي لنحو لوث قال له أتحلف، (و) له -وهو الأولى- (أن يسكت)؛ لئلا يُتَّهم بميله للمدعي، نعم إن سكت المدعي لجهل وجب إعلامه. ولو شك هل سكوته مع علم أو جهل فالقول أولى، وإنما لم يجز له تعليم المدعي كيفية الدعوى ولا الشاهد كيفية الشهادة؛ لقوة الاتهام بذلك، فإن تعدى وفعل فأدى الشاهد بتعليمه اعتد به إن كان الشاهدان مشهورين بالديانة (١). ولا يلزمه سؤال من التمس منه إحضار من بالبلد عن كيفية دعواه (٢) إلا في المعزول كما مر (٣) وإلا إن عُدّ ذلك ابتذالا للحاضر أواضرارا له (فإن قال لي بينة وأريد تحليفه فله ذلك) ; لأنه إن تورع وأقرَّ سهل الأمر وإلا أقام البينة عليه لتشتهر خيانته وكذبه، نعم الذي يتصرف عن غيره، أو عن نفسه وهو محجور عليه بنحو سفه أو فلس تتعين فيه إقامة البينة؛ لئلا يحتاج الأمر للدعوى بين يدي من لا يرى البينة بعد الحلف فيحصل الضرر، (أو) قال (لا بينة لي) وأطلق، أو قال لا حاضرة ولا غائبة أو كلّ بينة أقيمها زور (ثم أحضرها قبلت في الأصح)؛ لاحتمال نسيانه أو عدم علمه بتحملها، نعم من ادُّعِي عليه بقرض مثلا فأنكر أَخْذَهُ من أصله ثم أراد إقامة بينة بأداء أو إبراء لم تقبل (٤) بخلاف نظيرها في الوديعة. ولو قال شهودي فسقة أو عبيد ثم أحضر بينة فالأوجه أنه إن اعترف أنهم هم الذين قال


(١). لم يقيد النهاية بهذا القيد.
(٢). أي دعوى الملتمس.
(٣). قبيل آداب القضاء بما فيه من تفصيل.
(٤). خلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>