للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُكْرَهُ بِشَِطْرَنْجٍ، فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الجَانِبَيْنِ فَقِمَارٌ مُحَرَّمٌ

كما مر، ولا تعتبر هذه كبيرة (١). (ويحرم اللعب بالنرد (٢) على الصحيح)؛ لخبر مسلم ((من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه))، وهو صغيرة، وفارق الشطرنج بأن معتمده الحساب الدقيق والفكر الصحيح ففيه تصحيح الفكر ونوع من التدبير ومعتمد النرد الحزر والتخمين المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق، ويقاس بهما كل ما في معناهما من أنواع اللهو فكل ما معتمده الحساب والفكر كالمنقلة -حفر أو خطوط ينقل منها وإليها حصى بالحساب- لا يحرم، ومحله في المنقلة إن لم يكن حسابهما تبعا لما يخرجه الطاب الآتي وإلا حرمت. وكل ما معتمده التخمين يحرم، ومن القسم الثاني الطاب -عِصي صغار ترمى وينظر للونها ليرتب عليه مقتضاه الذي اصطلحوا عليه- ومن ذلك أيضا الكنجفة -وهي أوراق فيها صور- ويجوز اللعب بالخاتم وبالحمام إن خليا عن مال وخلى اللعبُ بالحمام عمّا عُرف لأهله من خلعهم جلباب الحياء والمروءة والتعصب وإلا ردت شهادتهم، ويقاس بهم ما كثر واشتهر من أنواع حدثت من الجري وحمل الأحمال الثقيلة والنطاح بنحو الكباش وغير ذلك من أنواع السفه واللهو، (ويكره) اللعب (بشَِطرنج) ; لأنه يلهي عن الذكر والصلاة في أوقاتها الفاضلة بل كثيرا ما يستغرق فيه لاعبه حتى يخرج به عن وقتها، وهو حينئذ فاسق غير معذور بنسيانه؛ لأن الغفلة نشأت من تعاطيه للفعل الذي من شأنه أن يلهي عن ذلك فكان كالمتعمد؛ لتفويته، ويجري ذلك في كل لهو ولعب مكروه مشغل للنفس ومؤثر فيها تأثيرا يستولي عليها حتى تشتغل به عن مصالحها الأخروية، بل وفي حكم ذلك شغل النفس بكل مباح; لأنه كما يجب تعاطي مقدمات الواجب يجب تعاطي مقدمات ترك مفوتاته، والكلام فيمن جرب من نفسه أن اشتغاله بذلك المباح يلهيه حتى يفوت به الوقت (٣)، ثم محل حل لعب الشطرنج إن لعب مع معتقد حله وإلا حرم; لأنه يعينه على معصية حتى في ظن الشافعي; لأنا نعتقد أنه يلزمه العمل باعتقاد إمامه (فإن شرط فيه مال من الجانبين فقمار محرم) إجماعا بخلافه من أحدهما ليبذله إن غُلب ويمسكه إن غَلَب فإنه ليس بقمار، وإنما هو عقد مسابقة فاسدة; لأنه


(١). خلافا للنهاية.
(٢). لعبة ذات صندوق وحجارة وفصين تعتمد على الخطر وتنقل فيه الحجارة على حسب ما يأتي به الفص وتعرف عند العامة بالطاولة، المعجم الوسيط.
(٣). هنا مقولة ردها الشارح وأقرها الأسنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>