للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا، وَلَا يُقْبَلُ أَعْمَىً إلَّا أَنْ يُقِرَّ فِي أُذُنِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ حَمَلَهَا بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ شَهِدَ إنْ كَانَ المَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ، فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ إشَارَةً، وَعِنْدَ غَيْبَتِهِ وَمَوْتِهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ،

أن الشهادة بقيمة عين لا تسمع إلا ممن رآها وعرف أوصافها جميعا (والأقوال كعقد) وفسخ وإقرار (يشترط سمعها وإبصار قائلها) حال صدورها منه ولو من وراء نحو زجاج أو نقاب رقيق، فلا يكفي سماعه من وراء حجاب وإن علم صوته; لأن ما أمكن إدراكه بإحدى الحواس لا يجوز أن يعمل فيه بغلبة ظن؛ لجواز اشتباه الأصوات، نعم لو علمه ببيت وحده وعلم أن الصوت ممن في البيت جاز له اعتماد صوته وإن لم يره، وكذا لو علم اثنين ببيت لا ثالث لهما وسمعهما يتعاقدان وعلم الموجب منهما من القابل؛ لعلمه بمالك المبيع أو نحو ذلك فله الشهادة بما سمعه منهما، (ولا يقبل أعمى) ومن يدرك الأشخاص ولا يميزها في مرئي؛ لانسداد طريق التمييز عليه مع اشتباه الأصوات، وإنما جاز له وطء زوجته اعتمادا على صوتها; لأنه أخف، ومن ثم نص الشافعي -رضي الله عنه- على حل وطئها اعتمادا على لمس علامة يعرفها فيها وإن لم يسمع صوتها وعلى أن لمن زفت له زوجته أن يعتمد قول امرأة هذه زوجتك ويطأها، و له الاعتماد أيضا على القرينة القوية أنها زوجته وإن لم يقل له أحد ذلك (إلا أن) تكون شهادته بنحو استفاضة أو ترجمة أو إسماع ولم يحتج لتعيين، أو يضع يده على ذكر بفرج فيمسكهما حتى يشهد عليهما بذلك عند قاض; لأن هذا أبلغ من الرؤية، أو يكون جالسا بفراش لغيره فيغصبه آخر فيتعلق به حتى يشهد عليه، أو (يقر) إنسان لمعروف الاسم والنسب (في أذنه) بنحو طلاق أو مال، أوْ لا في أذنه بأن كان يده بيده وهو بصير حال الإقرار ثم عمي (فيتعلق به حتى يشهد عند قاض به على الصحيح)؛ لحصول العلم بأنه المشهود عليه وإن لم يكن في خلوة، (ولو حملها) أي الشهادة (بصير ثم عمي شهد إن كان المشهود له و) المشهود (عليه معروفي الاسم والنسب) فقال: أشهد أن فلان بن فلان فعل كذا أو أقر به; لأنه في هذا كالبصير بخلاف ما إذا لم يعرف ذلك (ومن سمع قول شخص أو رأى فعله فإن عرف عينه واسمه ونسبه) أي أباه وجده (شهد عليه في حضوره إشارة) إليه، ولا يكفي مجرد ذكر الاسم والنسب (و) شهد عليه (عند غيبته) المجوِّزة للدعوى عليه وقد مرت (وموته باسمه ونسبه) معا؛ لحصول التمييز بهما دون أحدهما. أما لو لم يعرف اسم جده فيجزئه الاقتصار على ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>