للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَلَّا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ بَعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُهَا

حينئذ كالمجمع عليه. ولا يلزم العدل الأداء مع فاسق مجمع عليه إلا إذا كان الحق يثبت بشاهد ويمين.

(و) ثالثها أن يُدْعَى لما يعتقده على أحد الوجهين أو جههما عدم اشتراطه؛ بناء على أنه يجوز للشاهد أن يشهد بما يعتقده الحاكم دونه كشفعة الجوار; لأن العبرة بعقيدة الحاكم، نعم لا يجوز له أن يشهد بصحة أو استحقاق ما يعتقد فساده، ولا أن يتسبب في وقوعه إلا إن قلد القائل بذلك.

ورابعها (ألا يكون معذورا بمرض ونحوه) من كل عذر يرخص في ترك الجمعة مما مر ونحوه كأكل ذي ريح كريه (١)، نعم إنما تُعْذر امرأة مخدرة دون غيرها كما مر (فإن كان) معذورا بذلك (أشهد على شهادته) ندبا بل يجب إن نزل به ما يخاف موته منه وخاف حينئذٍ فوات الحق (أو بعث القاضي من يسمعها (٢)؛ دفعا للمشقة عنه. وأفهم اقتصاره على هذه الثلاثة أنه لا يشترط زيادة عليها فيلزمه الأداء عند نحو أمير وقاض فاسق لم تصح توليته إن توقف خلاص الحق عليه، ويأتي أول الدعاوى أنه لا يحتاج هنا لدعوى; لأن هذا إنما جاز لضرورة توقف خلاص الحق على الأداء عنده فهو بمنزلة إعلام قادر بمعصية ليزيلها. وظاهرٌ أن في معنى توقف خلاص الحق عليه ما لو كان المتولي يخلص أيضا لكن برشوة له أو لبعض أتباعه; لأنه حينئذ في حكم العدم، وعند قاض مُتَعَنِّت أو جائر أي ما لم يخش منه على نفسه. ولو قال لي عند فلان شهادة وهو ممتنع من أدائها من غير عذر لم يجبه؛ لاعترافه بفسقه بخلاف ما إذا لم يقل من غير عذر؛ لاحتماله. ويتعين على المؤدي لفظ أشهد فلا يكفي مرادفه كأعلم (٣) ; لأنه أبلغ في الظهور. ولو عرف الشاهدان السبب كالإقرار فلهما الشهادة بالملك أو الاستحقاق لكن إن كانا (٤) فقيهين متيقظين موافقين لمذهب الحاكم بحيث لا يتطرق إليهما


(١). كما أشار إليه الشارح في اللعان.
(٢). أو يأتي له القاضي ويسمعها منه أو يرسل له القاضي من يشهد على شهادته، ولا يحتاج لحضور الخصم حينئذ، ذكره الشارح في فصل الغائب التي تسمع له البينة ويحكم عليه ١٠/ ١٨٧.
(٣). نعم يجوز للشاهد الإتيان بالمرادف المساوي من كل وجهٍ كما مر أوائل الباب.
(٤). ظاهر النهاية إطلاق القبول خلافا للشارح.

<<  <  ج: ص:  >  >>