للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا نَكَلَ حَلَفَ المُدَّعِي وَقَضَى لَهُ وَلَا يُقْضَى بِنُكُولِهِ، وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي احْلِفْ فَيَقُولُ لَا أَحْلِفُ،

لم تكن له بينة ويريد إقامتها فيمهل له ثلاثة أيام (في الأصح) ; لأن ما قاله محتمل. ولا يجاب المدعي لو قال قد حلفني أني لم أحلفه فليحلف على ذلك؛ لئلا يتسلسل الأمر، فإن نكل حلف المدعى عليه يمين الرد واندفعت الخصومة عنه، ولا يجاب لحلفه يمين الأصل إلا بعد استئناف دعوى; لأنهما الآن في دعوى أخرى، أما لو قال حلفني عندك فإن تذكَّر مَنَع خصمه عنه ولم تفده إلا البينة، وإن لم يتذكر القاضي تحليفه حلَّفه ولا تنفعه البينة بالتحليف؛ لما مر أن القاضي لا يعتمد بينة بحكمه بدون تذكره. ولو قال للمدعي قد حلَّفت أبي أو بائعي على هذا مُكِّن من تحليفه على نفي ذلك أيضا فإن نكل حلف هو، وكذا لو أقر شحص لآخر بدار مثلا ثم ادعى ثالث على المقر له بتلك الدار وكانت الدار في يد المقر فقال المدعي في دعواه هي ملكي وليست ملك المُقِرِّ لك فقال المُقَرُّ له قد حلَّفت المقر لي فاحلف أنك لم تحلفه فيُمَكَّن المُقَرُّ له من تحليف المدعي (وإذا) أنكر مدعى عليه فأمر بالحلف فامتنع و (نكل) عن اليمين (حلف المدعي) بعد أمر القاضي له اليمين المردودة إن كان مدعيا عن نفسه؛ لتحول اليمين إليه (وقُضِيَ له) بالحق أي مُكِّن منه (ولا يُقضى له بنكوله) أي الخصم وحده، وصح أنه -صلى الله عليه وسلم- ((رد اليمين على طالب الحق)). وترد اليمين في كل حق يتعلق بالآدمي -ولو ضمنا كما في صورة القاذف- لا في محض حق الله تعالى كما لا يحكم القاضي فيه بعلمه.

(والنكول) يحصل بأمور منها: (أن يقول) بعد عرض اليمين عليه (أنا ناكل، أو يقول له القاضي احلف فيقول لا أحلف)؛ لصراحتهما فيه، ومن ثم لو طلب المدعى عليه العود إلى الحلف بعد حكم الحاكم بالنكول (١) - ولو تنزيلاً -ولم يرض المدعي لم يُجَبْ بشرط أن يوجه القاضي اليمين على المدعي ولو بإقباله عليه ليحلفه (٢). ومن النكول أيضا أن يقول له قل بالله فيقول بالرحمن (٣)، نعم من توسم فيه الجهل لا يعتبر ناكلا حينئذ إلا إذا أصر عليه بعد تعريفه بأنه يجب امتثال ما أمر به الحاكم. ولو قال له قل بالله فقال والله أو تالله فليس بناكل كعكسه؛


(١). خالفاه في التقييد ببعد حكم الحاكم بالنكول، واعتمدا إطلاق الشيخين.
(٢). قال الشارح ((فقول شيخنا كغيره فإنه يردها وإن لم يحكم به مرادهم وإن لم يصرح بالحكم)).
(٣). فيكفيه الحلف بالرحمن خلافا للمغني.

<<  <  ج: ص:  >  >>