وهي القصر والجمع، والأصل في القصر الإجماع وآية النساء وغيرها. (إنما تقصر) مكتوبة لا نحو منذورة (رباعية مؤداة) ويُلحق بها فائتة السفر (في السفر الطويل المباح) في ظنه كمن أُرْسِل بكتاب لم يعلم فيه معصية، والمراد الجائز ولو مكروها كان يسافر وحده لاسيما في الليل؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- ((لعن راكب الفلاة وحده))، أي إن ظنّ ضررا يلحقه، ويكره الاثنان أيضا لكن كراهة أخف، نعم لا كراهة لمن أنس بالله بحيث صار يأنس بالوحدة كأنس غيره بالرفقة، كما لو دعت للانفراد حاجة، ومثل الانفراد البعد عن الرفقة حيث لا يلحقه غوثهم، (لا فائتة الحضر) ولو احتمالا، ومثلها في جميع ما يأتي فائتة سفر لا يجوز فيه القصر فلا قصر؛ لأنها ثبتت في ذمته تامة. ولو سافر وقد بقي من الوقت ما لا يسعها بتمامها، فإن وسع ركعة فأكثر قصر -؛ إذ هي أداء على الأصح- وإلا فلا (ولو قضى فائتة السفر) المبيح للقصر (فالأظهر قصره في السفر) الذي فاتته فيه أو سفر آخر يبيح القصر وإن تخللت بينهما إقامة طويلة؛ لوجود سبب القصر في قضائها كأدائها (دون الحضر)؛ ونحوه لفقد سبب القصر حال فعلها.
(ومن سافر من بلدة فأول سفره مجاوزة سورها) المختص بها ولو في جهة مقصده فقط -كأن انهدم باقيه- لكن إن بقيت تسميته سورا؛ لأن ما في داخله محسوب من موضع الإقامة، والخندق كالسور وبعضه كبعضه وإن لم يكن فيه ماء، نعم لا عبرة به مع وجود السور ويلحق بالسور جبل بجانب القرية فَعَلَى من سافر صوبه قطع ارتفاعه إن اعتدل وإلا فما نسب إليها منه عرفا، ويلحق به أيضا تحويط أهل القرى عليها بالتراب أو نحوه، (فإن كان وراءه عمارة اشترط مجاوزتها في الأصح)؛ لأنها تابعة لداخله (قلت: الأصح لا تشترط والله أعلم)؛ لأنها لا تعد من البلد. ولو أرد من بالعمران الذي وراء السور أن يسافر من جهة السور لم تشترط،