للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَصِحُّ النَّفَلُ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي قَوْلٍ، وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ. وَيَجِبُ التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ، وَكَمَالُهُ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانِ هَذِهِ السَّنَةِ للهِ تَعَالَى، وَفِي الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالْإِضَافَةِ إلَى اللهِ تَعَالَى الخِلَافُ المَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ،

(ويصح النفل بنيته قبل الزوال)؛ لما صح أنه -صلى الله عليه وسلم- دخل على عائشة رضي الله عنها يوما فقال ((هل عندكم من غَداء قالت: لا، قال: فإني إذا أصوم))، والغداء اسم لما يؤكل قبل الزوال (١)، (وكذا بعده في قول)؛ لعدم الفرق، (والصحيح اشتراط حصول شرط الصوم من أول النهار) أي من الفجر، نعم يُستثنى ما لو أصبح ولم ينو صوما فتمضمض ولم يبالغ فسبق الماء إلى جوفه ثم نوى صوم تطوع فيصح سواء قلنا يفطر بذلك أم لا. (ويجب التعيين في الفرض) بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا عن رمضان أو النذر أو الكفارة وإن لم يعين سببها، فإن عين وأخطأ لم يجزئ، نعم لو تيقن أن عليه صوم يوم وشك أهو قضاء أو نذر أو كفارة أجزأه نية الصوم الواجب وإن كان مترددا؛ للضرورة ولم يلزمه الكل; لأن الأصل براءة الذمة، ومن ثم لو كانت الثلاثة عليه فأدى اثنين وشك في الثالث لزمه الكل، أما النفل فيصح بنية مطلقة، نعم يُشترط التعيين في الراتب كعرفة وما يتبعها مما يأتي كرواتب الصلاة؛ للكمال وحصول الثواب عليها بخصوصها لا لأصل الصحة، فلو نوى غيرها معها حصل؛ لأن القصد وجود صوم فيها، (وكماله) أي التعيين (أن ينوي صوم غد) وهذا واجب لا بد منه، ويكفي عنه عمومٌ يشمله كنية أول ليلة من رمضان ((صوم رمضان)) فيصح لليوم الأول (عن أداء فرض رمضانِ هذه السنة لله تعالى)؛ لصحة نيته اتفاقا حينئذ، واحتيج لإضافة رمضان إلى ما بعده; لأن قطعه عنها يُصَيِّر ((هذه السنة)) محتملا لكونه ظرفا لنويت فلا يبقى له معنى. (وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة (٢)، نعم لا تجب نية الفرضية هنا; لأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا والظهر قد تكون معادة، وعليه فلو نوى ولم يتعرض


(١). ويثاب ناوي الصوم ضحوة مثلا من أول النهار؛ لأن الصوم لا يتجزأ كما ذكره الشارح في باب الوضوء ١/ ٢٢٦.
(٢). وتقدم أنه يسن الإضافة إلى الله كالأداء والقضاء وأنه يصح الأداء بنية القضاء وعكسه إن عذر أو قصد المعنى اللغوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>