للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ تَيَقَّنَ طُهْرًا أَوْ حَدَثًا وَشَكَّ فِي ضِدِّهِ عَمِلَ بِيَقِينِهِ، فَلَوْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ السَّابِقَ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا فِي الْأَصَحِّ

معناه، ولذا لو انفصلت الورقة على العود حَرُم اتفاقا؛ لأنه حمل كما لو لفّ كمه على يدّه وقلب بها وإن لم تنفصل. ويحرم مسّ القرآن ومثله كلّ اسم معظّم بمتنجّس بغير معفو عنه، ووطء شيء نُقش به؛ لإهانته قصداً، ولذا كره فقط لبس ما كتب عليه المستلزم الجلوس عليه؛ لأنه يغتفر تابعاً ما لا يغتفر مقصوداً، ووضع نحو درهم في مكتوبه، وجعله وقاية ولو لما فيه قرآن (١)، كما يحرم تمزيقه عبثاً؛ لأنه إزراءٌ به وترك رفعه عن الأرض، وينبغي أن لا يجعل في شِقٍّ؛ لاحتمال سقوطه، وبلع ما كتب عليه بخلاف أكله؛ لزوال صورته قبل ملاقاته للمعدة ولا تضر ملاقاته للريق. ويحرم مدّ الرجل إليه. و يجوز للمحدث كتبه بلا مسٍ. ويسن القيام له كالعالِم. ويكره حرق ما كتب عليه قرآن لغير دراسته أو لها وبه نحو بِلىً إلا لغرض نحو صيانة والغسل أولى من الحرق، أما المصحف فيحرم حرقه مطلقاً، ولا يكره شرب محوه. (ومن تيقن طهراً أو حدثاً وشكّ) أي تردد باستواء أو رجحان (في ضدّه عمل بيقينه)؛ لنهيه -صلى الله عليه وسلم- الشاك في الحدث عن الخروج من المسجد إلا أن يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، نعم يندب الوضوء للشاك في الحدث إن لم يؤدّ إلى وسوسة، (فلو تيقنهما وجهل السابق فضدّ ما قبلهما في الأصح) فإن كان قبلهما محدثاً فهو الآن متطهر مطلقاً؛ لتيقنه الطّهر وشكّه في تأخر الحدث عنه والأصل عدم تأخره، أو متطهّراً فإن أحتمل وقوع تجديد منه فهو الآن محدث؛ لتيقّن رفع الحدث لأحد طهريه مع الشّك في تأخر الطهر الآخر عنه والأصل عدم تأخره، وإن لم يحتمل فهو الآن متطهر؛ لأن الظاهر تأخر طهره الثّاني عن حدثه، ولو علم قبلهما طهارة وحدثاً وجهل أسبقهما نظر لما قبل قبلهما وهكذا ثمّ أخذ بالضد في الأوتار وبالمثل في الأشفاع بعد اعتبار احتمال وقوع التجديد وعدمه، فإن لم يعلم ما قبلهما لزمه الوضوء بكلّ حال حيث احتمل وقوع تجديد منه، أما من لم يحتمل منه ذلك فيأخذ بالطهر بكلّ حال ولا أثر لتذكره وعدمه.


(١). خلافا للنهاية تبعا لوالده.

<<  <  ج: ص:  >  >>