للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَلَهُ التَّوْكِيلُ، وَلَوْ كَثُرَ وَعَجَزَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِكُلِّهِ، فَالمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا زَادَ عَلَى المُمْكِنِ. وَلَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ وَقَالَ: وَكِّلْ عَنْ نَفْسِكَ فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَانْعِزَالِهِ. وَإِنْ قَالَ وَكِّلْ عَنِّي فَالثَّانِي وَكِيلُ المُوَكِّلِ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ. قُلْتُ: وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يَعْزِلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ. وَحَيْثُ جَوَّزْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينًا

رشيدا (١) - والمراد بهم أولاده ومماليكه وزوجاته، ومثله إرسال نحو ما اشتراه له مع أحدهم (وإن لم يتأت) ما وُكِّل فيه منه (لكونه لا يحسنه أو لا يليق به) أو يشق عليه تعاطيه مشقة لا تحتمل عادة (فله التوكيل) عن موكله دون نفسه؛ لأن التفويض (٢) لمثله إنما يقصد به الاستنابة، ومن ثم لو جهل الموكل أو اعتقد خلاف حاله امتنع توكيله، ويأتي مثله في قوله (ولو كثر) ما وكل فيه (وعجز عن الإتيان بكله فالمذهب أنه يوكل) عن موكله فقط (فيما زاد على الممكن (٣)؛ لأنه المضطر إليه بخلاف الممكن عادة بأن لا يكون فيه كبير مشقة لا تحتمل غالبا، ولو طرأ العجز لطرو نحو مرض أو سفر لم يجز له أن يوكل (٤)، (ولو أذن في التوكيل وقال: وكل عن نفسك ففعل فالثاني وكيل الوكيل) على الأصح؛ لأنه مقتضى الإذن وللموكل عزله أيضا (والأصح أنه) أي الثاني (ينعزل بعزله) أي الأول إياه (وانعزاله)؛ لأنه نائبه (وإن قال: وكل عني فالثاني وكيل الموكل وكذا إن أطلق) بأن لم يقل عني ولا عنك (في الأصح)؛ لأن توكيله للثالث تصرف تعاطاه بإذن الموكل فوجب أن يقع عنه (قلت: وفي هاتين الصورتين لا يعزل أحدهما الآخر ولا ينعزل بانعزاله)؛ لأنه ليس وكيلا عنه (وحيث جوزنا للوكيل التوكيل) عنه أو عن الموكل (يشترط أن يوكل أمينا (٥) فيه كفاية لذلك التصرف وإن


(١). ثقة مأمونا كما مر أول الوكالة.
(٢). يؤخذ منه أنه لو وكل عاجزا ثم قدر لم يجز له المباشرة خلافا لشرح المنهج من تخييره.
(٣). مال الشارح في القراض إلى الضمان فيما لو أخذ الوكيل ما لا يمكنه القيام به فتلف بعضه؛ لتفريطه بأخذه ٦/ ١٠٤.
(٤). أجاز الرملي التوكيل عند القدرة بشروط.
(٥). وعند الشارح يجوز أن يوكل فاسقا إذا لم يسلمه المال خلافا للنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>