(وكذا) حرة (منكوحة لرضاع أو غيره) مما لا يؤدي إلى خلوة محرمة فلا يجوز استئجارها إجارة عين (بغير إذن الزوج على الأصح)؛ لاستغراق أوقاتها بحقه، ولذا لو كان غائبا أو طفلا فآجرت نفسها لعمل ينقضي قبل قدومه وتأهله للتمتع جاز، أما الأمة فلسيدها إيجارها الوقت الذي لا يجب تسليمها للزوج فيه بغير إذنه وأما مع إذنه فيصح، وليس للمستأجر منعه من وطء المرضعة خوف الحبل وانقطاع اللبن. وله استئجار زوجته لإرضاع ولده منها أو من غيرها (ويجوز تأجيل المنفعة في إجارة الذمة كألزمت ذمتك الحمل) لكذا (إلى مكة أول) أي مستهل (١)(شهر كذا)؛ لأنها دين إذ هي سلم كما مر ومن ثم يأتي في تأجيلها ما مر ثَم (ولا يجوز إجارة عين لمنفعة مستقبلة) بأن صرح في العقد بذلك أو اقتضاه الحال كإجارة هذه سنة مستقبلة أو سنة أولها من غد، وكذا إن قال أولها أمس، وكإجارة أرض مزروعة لا يتأتى تفريغها قبل مضي مدة لها أجرة بخلاف إجارة الذمة كما مر، ولو قال وقد عقد آخر النهار أول المدة يوم تاريخه لم يضر; لأن القرينة ظاهرة في أن المراد باليوم الوقت.
ويستثنى من المنع في المستقبلة مسائل منها ما لو آجره ليلا لما يُعْمَل نهارا ولم يذكر في العقد أن العمل في النهار، وإجارة عين الشخص للحج عند خروج قافلة بلدة، أو تهيئها للخروج ولو قبل أشهر الحج إذا لم يتأت الإتيان به من بلد العقد إلا بالسير في ذلك الوقت، وفي أشهره قبل الميقات ليحرم منه، وإجارة دار ببلد غير بلد العاقدين ودار مشغولة بأمتعة وأرض مزروعة يتأتى تفريغهما قبل مضي مدّة لها أجرة، ومنها قوله (فلو أجر السنة الثانية لمستأجر الأولى) أو مستحقها بنحو وصية أو عدّة بالأشهر (قبل انقضائها جاز في الأصح)؛ لاتصال المدتين بل لو طرأ مقتضٍ لانفساخ العقد الأول لم ينفسخ العقد الثاني; لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، وللمؤجر حينئذٍ أيجار ما انفسخت فيه لغير مستأجر الثانية،
(١). إنما أولت بذلك لما مر في السلم أن التأجيل بأول الشهر باطل؛ لوقوعه عن جميع نصف الشهر الأول، واعتمد في النهاية الصحة فيه.