لو هرب ولم يترك جمالا فإن للمستأجر فسخ العينية للضرورة، ومحل جواز بيع قدر النفقة دون الكل في الذميّة ما إذا لم ير الحاكم بيع الكل وإلا باع وانفسخت الإجارة وعليه فيفرق بينها وبين العينية بأن تعلق حق المستأجر بالعين فيها أقوى منه في الذمية كما علم مما مر فيهما، وعليه أيضا يظهر أنه لو رأى مشتريا لها مسلوبة المنفعة مدة الإجارة لزمه أن يبيعه ما يحتاج لبيعه منها مقدما له على غيره; لأنه الأصلح. وخرج بمنها كلها فليس له بيعه ابتداء؛ خشية أن يأكل أثمانها، نعم يجوز للحاكم البيع في إجارة الذمة إذا رأى المصلحة فيه ويكتري للمستأجر ببعض الثمن (ولو أذن للمكتري في الإنفاق من ماله ليرجع جاز في الأظهر)؛ لأنه محل ضرورة وقد لا يرى الاقتراض، ويتحصل من كلامهم أنه إن وجد حاكم وأمكن إثبات الواقعة عنده فلم يقبل وانفق بغير إذنه لم يرجع، أما إن فقد الحاكم أو وجد ولم يمكن إثبات الواقعة عنده فحينئذ يشهد المكتري على أنه أنفق بشرط الرجوع لكي يرجع، فإن تعذر الإشهاد ونوى الرجوع رجع أيضا (١). وخرج بتركها ما لو هرب بها ففي إجارة العين يتخير نظير ما مر في الإباق وكما لو شردت الدابة، وفي إجارة الذمة يكتري عليه الحاكم أو يقترض نظير ما مر، ولا يفوض ذلك للمستأجر؛ لامتناع توكله في حق نفسه، فإن تعذر الاكتراء فله الفسخ. (ومتى قبض المكتري) العين المؤجرة ولو الحر المؤجرة عينه، أو (الدابة والدار وأمسكها) زيادة إيضاح، وكقبضها امتناعه منه بعد عرضها عليه إلا فيما يتوقف قبضه على النقل فيقبضه الحاكم، فإن صمم المستأجر على الامتناع من قبضها حينئذ ردها لمالكها (حتى مضت مدة الإجارة استقرت الأجرة) عليه (وإن لم ينتفع) ولو لعذر كخوف أو مرض؛ لتلف المنافع تحت يده حقيقة أو حكما فاستقر عليه بدلها، ومتى خرج بها المستأجر مع الخوف ضمنها إلا إذا ذكر ذلك حالة العقد. وليس له فسخ ولا إلزام مكر أخذها إلى الأمن; لأنه يمكن للمكتري أن يسير عليها مثل تلك المسافة إلى بلد آخر. ومتى انتفع بعد المدة لزمه مع المسمى المستقر عليه أجرة مثل ذلك الانتفاع.