للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسلامة في حال الأمن، وبحسن تصرفهم في فنون القول، وأن لهم المنظر الحسن دون المخبر، ثم لا وفاء لهم في الذمم والعقود ولا نصرة في الدفاع عند الحروب. ومعنى يروعك يعجبك. يريد: اعطوا البسطة في الأجسام، فإذا خبرتهم صغرهم الخبر، فأورثك الزهد فيهم. ويقال: لي بهم خبر وخبرة.

وقال آخر:

أعاريب ذوو فخر بإفك ... وأسنة لطاف في المقال

رضوا بصفات ما عدموه جهلاً ... وحسن القول من حسن الفعال

يقول: إنهم يفتخرون بمفاخر مأفوكة مكذوبة، ولهم ألسنة يلطفون بها، ويصورون الباطل من مفاخرهم بصورة الحق، فهم أصحاب مقال لا فعال، وأرباب كذب وزور، لاحق وصدق، ولجهلهم يرضون من أنفسهم ولها بأن يصفوها بما هو معدوم فيهم، وقنعوا بحسن الصفات من أنفسهم بقولهم، وإن عدموا شهادة الأشهاد على دعواهم، اعتقاداً منهم أن القول يغني عن الفعل، وأن الخبر يكتفي به عن الخبرة، وأن الكرم في الدعاوي لا في الحقائق.

[وقال مالك بن أسماء]

لو كنت أحمل خمراً حين زرتكم ... لم ينكر الكلب أني صاحب الدار

لكن أتيت وريح المسك تفغمني ... وعنبر الهند مشبوباً على النار

فأنكر الكلب ريحي حين أبصرني ... وكان يعرف ريح الزق والقار

قوله تفغمني، أي تسد خياشيمي وتملؤها. ويقال: الريح الطيبة تفغم المزكوم. وقوله مشبوباً على النار، يقال: رأيت شبة النار، أي اشتعالها، وقد

<<  <   >  >>