للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلت إليه وسيلةً، أي تقربت إليه بقربةٍ. ويقال توسلت أيضاً. وفي القرآن: " وابتغوا إليه الوسيلة ". ويقال: عصيت بالسيف، إذا ضربت به، وعصوت بالعصا. وجعل انبتات الوسائل وانقطاع الأواخي عند استعمال السيوف لأن الأمر يشتد عنده، والقناع يكشف معه. ولهذا لما استوصف عمرو بن معد يكرب أنواع السلاح قال في السيف: عنده تثكل الأمهات. وقوله: كانت قبل سلماً حبالها، يريد به أن حبال تلك الوسائل كانت مفتولةً على الصلح فتقطعت باستعمال السيوف، لأن كلاً منها صار واتراً وموتوراً، فسقط الملامة من بينهم.

فولوا وأطراف الرماح عليهم ... قوادر مربوعاتها وطوالها

قوله: وأطراف الرماح في موضع الحال للمضمرين في ولوا. وذكر الأطراف لأن الطعن بها يقع، وإن كانت الرماح بأسرها مقصودةً. يقول: انهزموا وأسنة الرماح متمكنةٌ منهم، ومقتدرةٌ عليهم طوالها وأوساطها. والمربوع والمرتبع: ما كان بين القصير والطويل، ومنه رجلٌ ربعةٌ. وإنما قال ذلك لأن المنهزمين إذا منحوا أكتافهم لمن يطلب أثرهم ويقصد النكاية فيهم، فتأثير الأسلحة على اختلافها متقارب. وارتفع مربوعاتها على البدل من الأطراف. وهذا يبين أن القصد بها إلى جمعيها، لا إلى بعضها.

[قال عمرو بن معد يكرب]

ليس الجمال بمئزرٍ ... فاعلم وإن رديت بردا

قوله فاعلم اعتراضٌ تأكد به الكلام، ومثله قوله تعالى: " فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ. إنه لقرآنٌ كريمٌ "؛ لأن قوله وإن رديت متعلق بما قبله تعلقٌ جواب القسم بالقسم. يقول: ليس جمال المرء فيما يلبسه من الثياب وإن استسرى الملابس واختار أرضاها وأكملها. وكانوا يأتزرون ببردٍ ويرتدون بآخر، ويسميان حلةٌ، وباجتماعهما كان يكمل اللبوس، حتى كانت خلعة ملوكهم لا تعدوهما. ولذلك سمي من سمي ذا البردين. قال:

أيا ابنة عبد الله وابنة مالكٍ ... ويا ابنة ذي البردين والفرس والورد

<<  <   >  >>