قوله أخوك مبتدأٌ، وكرره على وجه التأكيد، ومن يدنو في موضع الخبر. ومعنى البيت: مخالصك في الأخوة والود من يقرب مكانه منك، ويحسن شفقته عليك، وتطمع في إثمار وده لك، وإن استغثت به لملمةٍ تنزلن أو نائبةٍ تطرق، أغاثك باذلاً مقدوره في نصرته لك. ويجوز أن يكون قوله، " من يدنو " أراد به قرب النصح والشفقة، لا تقارب الدار والمسافة، كما يقال فلانٌ أدنى إليك من فلانٍ.
إذا حاربت حارب من تعادي ... وزاد سلاحه منك اقترابا
يجوز أن يكون هذا الكلام متصلاً بما قبله، والضمير في حارب لأخوك ومن تعادي في موضع المفعول من حاربت، ويكون المعنى: إذا حاربت من تعادي حارب هذا المواخي لك معك، وزاد نصرته وعدته منك قرباً ما دمت محارباً. ويجوز أن يكون منقطعاً مما قبله، ويكون مثلاً مضروباً، فيقول: إذا كاشفت عدوك وأبديت صفحة ما تضمره من السوء له بعثه ذلك على مكاشفتك، وازداد عدته من الكيد وغيره منك دنواً. وإذا جاملته وداجيته بقي على ما ينطوي عليه مساتراً لا مجاهراً.
وكنت إذا قريني جاذبته ... حبالي مات أو تبع الجذابا
هذا مثل قول عمرو بن كلثوم:
متى نقصد قرينتنا بحبلٍ ... نجذ الحبل أو نقص القرينا
وجعل الجذاب للحبال على المجاز. وقوله أو تبع الجذاب يريد أوانجذب وترك الطماح والإباء. ومعنى البيت: إذا جاذبني قرينٌ لي حبلاً بيني وبينه، فإما أن ينقطع دون شأوي في الجذاب فيهلك، وإما أن يتبع صاغراً فينقاد. وخبر كان في إذا أو جوابه.