وقوله قذو الحلم منا جاهل دون ضيفه في هذا البيت بعض ما في قول الآخر:
وأبذل معروفي له دون منكري
وإنما يتجاهل الحليم دون ضيفه إذا أوذى عند طلب ثأر من جهته أو تخشين جانب له بكلام أو فعال. وقوله: وذو الجهل منا عن أذاه حليم، يريد به وإن أخذ الضيف يؤذينا ترى الجهول يحتمله، ويغفر زلته، ولا يطلب مؤاخذته ومكافأته.
[وقال ابن هرمة]
أغشى الطريق بقبتي ورواقها ... وأحل في نشر الربى فأقيم
إن امرأ جعل الطريق لبيته ... طنباص وأنكر حقه للئيم
يقارب ما قاله قول الآخر:
يسط البيوت لكي يكون مظنة ... من حيث توضع جفنة المسترفد
وقول الآخر:
ويأبى الذم لي أني كريم ... وأن محلي القبل اليفاع
وذاك أن الكرام ينزلون الروابي والإكام، ويتوسطون الناس في أيام الجدب، وعند اشتمال القحط، لكي تهتدي إليهم السابلة والمارة، ويشترك في خيرهم الداني والقاصي. واللئام ينزلون الأهضام وبطون الأودية، ويتفردون عن الناس إبقاء على زادهم، وضناً بطعامهم، وتفادياً من أن تعرف أماكنهم فيكثر قصد أبناء السبيل لهم، ووطوهم إياهم، وتنضم الطوائف والفرق إليهم. لذلك قال المرقش: