عمارة الود، وعلى بطلان قولهم فيما صنفوه، وبهتهم وتمويههم فيما نسبوه إليه ووضعوه، فقال: لو شاخت ليلى حتى يصير مشيها دبيباً وهي متوكئة على عكاز، لكان هواها في قلبي جديداً أوائله، شديداً أركانه وقواعده.
[وقال حفص بن عليم]
أقول لحلمي لا تزعني عن الصبا ... وللشيب لا تذعر علي الغوانيا
طلبت الهوى الغوري حتى بلغته ... وسيرت في نجديه ما كفانيا
يصف انهماكه في البطالة، وتماديه في الغواية، والتذاذه للصبا واللهو والخسارة فقال: أقول لحلمي: تباطأ عني، ولا تعاجلني فتكفني عما أهواه وقصرت شغلي عليه؛ وللشيب: تراخ ولا تبادر فتروع النساء وتنفر. وهذا الكلام وإن كان ظاهره تلطفاً وسؤالاً فإنه يجري مجرى التمني في استدامة ما كان يشتهيه، ويوزع به.
وقوله طلبت الهوى الغوري يريد: تفننت في الهوى فأنجد بي طوراً، وغار بي طوراً، إلى أن تناهيت، وبلغت أقصى الغايات فوقفت. وموضع ما من قوله ما كفانيا نصب على المصدر من سيرت، يريد: سيرت في نجديه سيراً كفانيا. ومعنى سيرت أكثرت السير وكررته. والغواني من النساء: اللاتي تستغني بجمالها عن التحلي. وقيل: الغانية: التي تستغني بزوجها عن الرجال.
فيارب إن لم تقضها لي فلا تدع ... قذور لهم واقبض قذور كما هيا
وياليت أن الله إن لم ألاقها ... قضى بين كل اثنين ألا تلاقيا
البيت الأول دل به على ضيق صدره بحاله، وشدة ضنه بصاحبته، فدعا ربه أن يقبض قذور إليه إن لم يقدر بينهما مرافأة والتحاماً، ويتوفاها بالموت ليأمن أن يملك أمرها غيره. وهذا يدل على شدة غيرة فيه، ومضايقة للناس كافة في شيء يتمناه ثم يقصر عنه. فأما قوله كما هي فموضعه من الإعراب نصب على الحال، وما من قوله كما، يجوز أن يكون بمعنى الذي ويكون هي خبراً لمبتدأ محذوف، كأنه قال: كالذي هو هي. ويجوز أن يكون ما كافة الكاف عن عمل الجر ويكون هي في موضع المبتدأ والخبر محذوف، والمعنى: أقبضها كما هي عليه.