للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال عمرو بن ضبيعة الرقاشي]

تضيق جفون العين عن عبراتها ... فتسفحها بعد التجلد والصبر

وغصة صدر أظهرتها فرفهت ... حزازة حر في الجوانح والصدر

العبرة: الدمعة، وقد استعبر، أي جرى عبرته، ويقال: لامه العبر، وأراه عبر عينه، أي سخنه عينه وما أبكاه. فيقول: تمتلىء العين دمعاً حتى تتضايق جفونها عن احتباسه، فتصبها بعد تجلد منها في الإخفاء، وتصبر على مدافعة البكاء.

وقوله وغصة صدر يريد غمة اغتص بها الصدر فأظهرتها، بعد أن كانت لا تسوغ بتنفس الصعداء، فسكنت تفظيع لوعة تمكنت بين الجوانح والصدر. والجزازة: وجع القلب من أذى يصيبه. والجوانح: الأضلاع القصيرة، الواحدة جانحة. وقوله: رفهت: وسعت؛ وعيش رافة.

ألا ليقل من شاء ما شاء إنما ... يلام الفتى فيماا استطاع من الأمر

قضى الله حب المالكية فاصطبر ... عليه فقد تجرى الأمور على قدر

ألا: افتتاح كلام. واللام من ليقل لام الغائب، وقد يدخل في فعل الحاضر، على ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: " فبذلك فليفرحوا ". وقوله ماشاء أراد ماشاء أن يقوله، فحذف المفعول، وكذلك قوله من شاء محذوف المفعول، أي من شاء القول؛ فإن الملام يستحقة الفتى فيما يطيقه ويدخل تحت مقدوره ثم لايفعله، فأما ما لا يطيقه فقد سقط اللوم فيه عنه.

وقوله " قضى الله حب المالكية "، يريد حتمه الله عليك وأوجبه، فتكلف الصبر فيه، فقد تجري الأمور على قدر، أي على تقدير، تضيق السبل عن الانفكاك منه، فلا حيلة فيه إلا التزامها. وهذا تسلية منه لنفسه وبعث لها على الرضا بما قسم له. وقضي عليه.

[وقالت وجيهة بنت أوس الضبية]

وعاذلة تغدو على تلومني ... على الشوق لم تمح الصبابة من قلبي

<<  <   >  >>