فيفزعون إلى جرد مسحجة ... أفنى دوابرهن الركض والأكم
قولهمن غير عدم ولكن، تعلق من بقوله ليست عليهم إذا يغدون أردية. والمعنى أن إخلالهم بلبس الأردية واستسرائها والتأنق فيها، لا لفقر وفاقة، لكن لولعهم بالصيد، وتبذلهم له في الوقت الذي يستمع الصائد القرم إلى اللحم إلى أصحابه، في اختيار مواضع الصيد، وافتقاره لقلته. ويروى: حين ينادي السائف اللحم. قال الأصمعي: يريد يرتدون بقسيهم ولجم خيلهم إذا ابتكروا، لا هم لهم غيره. والسائف: الذي يحوش الصيد على أصحابه، أي ينادي أصحابه باعثاً على الأخذ، ومحذراً من الفوت. وقوله فيفزعون إلى جرد مسحجة أي يلتجئون إلى خيل قصيرة الشعر، نشيطة، قد سحج بعضها بعضاً بالعض والاستنان. ويجوز أن يريد أن العمل والكد سحجها، ألا ترى أنه قال: أفنى مآخير حوافزهن ركض الفرسان لها، واستحثاثهم إياها، وتأثير الإكام في حوافرها، لأن جريها كان عليها. ويقال: أكمة وأكم، وإكام وأكم.
يضرحن صم الصفا في كل هاجرة ... كما تطايح عن مرضاحه العجم
يغدو أمامهم في كل مربأة ... طلاع أنجدة في كشحه هضم
أصل الضرح الرمي. وإنما وصف الخيل بصلابة الحوافر، وأنها تكسر ما تطأه من صلاب الصفا إذا سارت في الهاجرة. ثم شبه ما يتطاير من حوافرها من الحصي بما يتطاير من النوى عن مرضاحه. والمرضاح: الحجر الذي يكسر عليه النوى أو به. ومعنى تطايح: تطاير. وقوله: يغدو أمامهم يعني في التصيد. والمربأة: المحرسة. وقوله طلاع أنجدة جمع كفرخ وأفرخة، ولا يمتنع أن يكون أنجدة جمع نجاد، ونجاد جمع نجد، فيكون أنجدة جمع الجمع. ويقال: طلع الجبل، إذا علاه. والهضم: انضمام الضلوع. يصف خفته وشهامته، وابتذاله نفسه في الصيد والفروسية.