المثقفة الصعاد، سوى بينهما في التشبيه حتى لا مخالفة، تنبيهاً على ما يقصد من المبالغة وتناهي البراعة. وقوله تهال الأرض أن يطئا عليها أي لأن يطئا عليها، فحذف الجر. يريد: أن قوتهما بالغة، ومشيهما شديد، والأرض لشدة وطئهما لها في هول عظيم، وزلزال فضيع. ويجوز أن يريد بالأرض أهل الأرض فحذف المضاف. ثم قال: وبمثلهما تسالم أو تعادي، يريد أنهما أهل الصلاح والفساد والخير والشر، والعدارة والصداقة. وأو من قوله أو تعادي أو الإباحة وقد نقل إلى الخير.
آخر:
كريم يغض الطرف فضل حيائه ... ويدنو وأطراف الرماح دوان
وكالسيف إن لا ينته لان مسه ... وحداه إن خاشنته خشنان
يصفه بأن خصال الكرم قد اجتمعت فيه، فلتناهى حيائه تراه يكسر طرفه عند النظر، فعل من عمل ما يستحيا منه، أو لزمه منة منعم توالي نعمه عليه، أو قصر في أداء واجب فيخاف عتبه فيه؛ ولكمال حميته في الحرب يقتحم على الشر، فلا يزداد والرماح شارعة نحوه إلا قرباً منها، وتهجماً عليها، ثم هو في طباعه كأنه السيف متى لاينته وجدت اللين في صفحتيه عند ملمسه، ومتى خاشنته وجدت القطع والخشونة في حديه ومضربه.
ومثل هذا قول الآخر:
ضرباً ترى منه الغلام الشطبا ... إذا أحس وجعا أو كربا
دنا فما يزداد إلا قربا ... تحكك الجرباء لاقت جربا
وقد مرت مستقصى شرحها في باب الحماسة.
[وقال العجير السلولي]
إن ابن عمي لابن زيد وإنه ... لبلاب أيدي جلة الشؤل بالدم