كان معه، وعجز عن الصحب على بعد المسافة وطول المشقة ومساس الحاجة. ومعنى لتركتها تحبو على العرقوب أي لعرقبتها. والحبو: ما يفعله الصبي من الزحف قبل القيام، ويفعله البعير وهو يريد المشي. ومنه الحابي من السهام، وهو الذي يسقط ثم يزحف إلى الهدف. ويقال: حبا للخمسين، أي لم يبلغها وقد دنا منها؛ وهو من فصيح الكلام. والخرق: المكان الواسع تتخرق فيه الريح. والمهمه: الأملس الواسع.
[وقال آخر:]
أجاري ما أزداد إلا صبابةً ... عليك ولا تزداد إلا تنائياً
أجاري لو نفسٌ فدت نفس ميت ... فديتك مسروراً بنفسي وماليا
الصبابة: الوجد والمحبة، والفعل منه صببت بكسر الباء أصب. ورجلٌ صبٌ، وامرأةٌ صبة. وقوله أجاري، ليس بندبةٍ، لأن المندوب لا يكون إلا بيا ووا، لكنه على العادة والرسم ناداه ورخمه. يقول: لا أزداد على مرور الأيام وتصرف الأوقات إلا شوقاً إليك، وولوعاً بك، وقوة أسفٍ عليك، إذ لم يكن حالي حال المتحسر في إثر فائتٍ، والرافع طمعه من لقاء مائت، فيعقبه الفوات يأساً، ويورثه ما يشاهده من حال الفناء تناسياً أو تسلياً؛ وأنت لا تزداد إلا تناهياً في الانقطاع، وتنائياً في الهجرة والإعراض. فقوله تنائياً لم يرد تباعد الأجرام وتراخي المزار؛ لأن تجاور الديار وتصاقبها كان باقياً على ما كان في الأصل.
وقوله أجاري لو نفس فدت ميت، يريد: لو كان السبيل إلى التفادي بين الأحياء والأموات مسلوكاً، وقبول الأبدال عند الاستعراض والدعاء مجاباً إليه مألوفا، لكنت السابق إليه، والجاعل في فدائك النفس والمال، وأنا مغتبطٌ بذلك ومغتنمٌ له، لكن لا مانع لما طلب، ولا معدل عما حتم.
وقد كنت أرجو أن أملاك حقبةً ... فحال قضاء الله دون رجائيا
ألا ليمت من شاء بعدك إنما ... عليك من الأقدار كان حذاريا
قوله أن أملاك يقال مليت فلاناً فتمليته، أي جعل لي أن أعيش معه ملاوةً فيبقى لي ممتعاً به. والملوان: الليل والنهار، من هذا. يقول: كنت أرجوا أن أمتع