للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليس من التناصف في شيءٍ؛ إذ كان المعنى: إنا عند الطعان نذويهم عن ظهور الدواب، فنغنم دوابهم ونفوز بها، وهم يستنقذون رماحنا لأننا نكسرها فيهم إذا طعناهم، ونجرها إياهم فيفوزون بها. فيقول: انصرفوا وقد تكسرت رماحهم بالإجرار، ورجعنا وقد تثنت سيوفنا بإعمالنا إياها في البيض والدروع وقت الجلاد.

فباتوا بالصعيد لهم أحاحٌ ... ولو خفت لنا الكلمى سرينا

يقول: بقوا ليلهم يثنون على الصعيد، وهو وجه الأرض، ولو ساعدتنا الطائفة المجروحة منا، وقدرت على السري لسرينا، لكن كلاً منا اضطر إلى الإقامة والتلوم ريثما يثوب إليه القوى بعد لحوق الجهد، ومشارفة الردى. وقد قيل إن الأحاح العطش، والمشرف من الجراح على الهلاك يعطش. وقد قيل إن الأحاح شدة الوجد من الغيظ حتى يسمع له من الصدر صوتٌ، وهو على مثال الأدواء والأصوات جميعاً؛ لأن فعالا يكثر فيهما. والكلمى: جمع كليمٍ، وفعلى يكون جمعاً لما كان من الزمانة والضرر وأنواع البلايا. وأبنية واحده تختلف.

[وقال بشر بن أبي]

إن الرباط النكد من آل داحسٍ ... كبون فما يفلحن يوم رهان

يروى " أبين فلا يفلحن "، ويروى " كبون " أي سقطن لوجوهها. قال:

فكبا كما يكبو فنقٌ تارزٌ

وهذا الكلام تضجرٌ بما انتتج بين ابنى بغيضٍ عبسٍ وذبيان من الشر، في الرهان على داحسٍ والغبراء، ودعاءٌ على داحسٍ ونسله بألا تفلح في خطارٍ، وأن تأبى النجاح في سباقٍ، فقال: إن الخيل المربوطة المشائيم من آل داحسٍ وداحساً، أبت السبق في حبلةٍ وميدانٍ، والفلاح يوم خطارٍ ورهان. والمعنى: لا جعل الله لها ذلك، فقد ترددنا

<<  <   >  >>