الآلاء: النعم، واحدها إلى. ويعنى بها صنائعه ومننه عند الناس. فيقول: إذا ذكر منعمٌ عليه إحسان المنعم عليه، وأياديه لديه، فشكر ثم تجاوز الشكر إلى الثناء فأفرط، فلا أبعد الله هذا الرجل. وهذا الكلام وإن كان دعاءً في موضعه الذي استعمل فيه أبلغ من كل ثناء، وأزيد من كل تقريظ وإطراء. ولذلك اقتصر عليه ولم يخلط به غيره.
وقوله فما كان مفراحاً إذا الخير مسه يصفه بأنه لا يطغيه الغنى فيكسبه كبراً وبأواً، بل يزداد تواضعاً فيما يناله، وتودداً إلى الناس على اتساع حاله، حتى يشركهم في خيره. وقوله ولا كان مناناً إذا هو أنعما يصفه بأنه لا يكدر نعمه عند غيره بالمن والأذى، بل يتناساها حتى يكون في صورة من لم يسد ولم يصطنع.
وقوله لعمرك ما وارى التراب فعاله يريد أن مكارمه لم تمت بموته، ولم تدفن في قبره، بل هي منشورةٌ في الناس لا تنسى، ومأثورةٌ لا تلغى، فهي على مر الأيام تزداد جدةً، وعند الناس طراءةً، لأنها تذكر وتتلى، ولأن ما سير فيه من الشعر والمدائح تقرأ وتروى. وقوله ولكنما وارى ثياباً وأعظما الفعل للتراب، وهذه إشارةٌ إلى الكفن ونفسه المتوفى، وفيه من إظهار التوجع ما كفى وأغنى.
[وقال أبو الشغب العبسي]
في خالد بن عبد الله، وهو أسيرٌ في يدي يوسف ين عمرك:
ألا إن خير الناس حياً وهالكاً ... أسير ثقيفٍ عندهم في السلاسل
قوله حياً وهالكا يجوز أن ينتصب على الحال والعامل فيه ما دل عليه خير الناس، ويكون الكلام ثناءً على المخبر عنه بخير الناس، ويجوز أن ينتصب على التمييز، وحينئذٍ يكون تفصيلاً للناس، كأنه قال: إن خير الناس من الأحياء والأموات أسير ثقيف. وقوله عندهم يجوز أن يكون في موضع الحال، ومعناه حاضراً لهم وقريباً منهم، ويكون العامل فيه ما دل عليه أسير ثقيف، ويكون فائدة الكلام أنه كان