قوله ألا فتى تمن، وألف الاستفهام دخل على لا النافية لهذا المعنى، ولذلك حذف التنوين من فتى. ومعنى نال العلا بهمه أي صرف همه، وشغل نفسه بما ابتنى به العلا، وعمر به مكارم قومه وذويه. وقوله ليس أبوه بابن عم أمه، هو المعنى الذي ورد به الخبر: اغتربوا لا تضووا، لأنهم كانوا يعتقدون أن الولد إذا حصل بين متشاركين في النسب متقاربين، جاء ضاوياً. وقوله ترى الرجال تهتدي بأمه، أي تراهم يطؤون عقبه ويقدمونه فيهتدونن بقصده، ويقتدون برسمه، لرياسته وفضله.
[وقال ابن المولى، ليزيد بن حاتم]
وإذا تباع كريمة أو تشتري ... فسواك بائعها وأنت المشتري
وإذا توعرت المسالك لم يكن ... منها السبيل إلى نداك بأوعر
يقول: إذا قامت سوق المكارم، وثار رهج المغانم بين طلاب المعالي وتجار المحامد، فغيرك من حاضريها يزهد في حوز المكرمات، ويرفع يده عنها، فكأنه يبيعها؛ وأنت تحصلها وتجمع يدك عليها، وتفوز بابتياعها وإن كان بأغلى الأثمان، وأثقل السيم، فلا رغبة إذا نظرنا في مجامع المجد، واعتبرنا فيها دواعي طلاب الثناء والحمد، كرغبتك. وقوله: تباع أو تشتري، أو بمعنى الواو، فهو كما يكتب في العقود: وكل حق له داخل أو خارج.
وقوله وإذا توعرت المسالك، يريد وإذا اشتد الزمان وانسدت الطرق إلى من يتندى ويشتهر بفعل المعروف، لشمول القحط وإمحال الناس، فعادت مسالك الجود وعرة لا يمكن قطعها، ولا الوصول إلى أسباب الخير منها، كنت قريب المأخذ، سهل الفناء، حسن الإقبال على مجتديك، جميل الاشتمال على قصادك وزائريك، فلا تستحزن أرضك، ولا يستوعر جنابك. وتوعرت، من قولهم: طريق وعر، أي غليظ. وقد وعر يوعر. وطريق أوعر، من هذه اللغة.