للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله بين اللوى فالدوانك اكتفى بين باللوى، وهو مسترقٌ الرمل لوقوعه على أماكن مختلفة، ولما اكتفى به جاز أن يترتب عليه فالدوانك. ولو روي والدوانك كان جائزاً، إلا أن اللوى حينئذ لا يتصور شموله لبقاع كما يتصور في أسماء الجموع شمولها للكثير، نحو القوم والرهط والعشيرة.

والشجا: الحزن. يقال شجاه يشجوه شجواً، فشجي يشجي شجاً. ومعنى يبعث يهيج ويثير. وعلى هذا قولك بعثته من منامه، والبعث في الجند. وقوله فهذا كله قبر مالك أشار بهذا إلى الجنس كما هو، كأنه أراد جنس القبور؛ يدل عليه إتباعه إياه بما يفيد العموم، وهو وقوله كله. ويقال ذرفت عينه ذرفاً وذرفاناً وذريفاً. فأما قوله تذارف فهو من باب ما تكثر فيه المصدر من فعلت وتلحقه الزوائد وتبنيه بناءً آخر على غير ما يجب للفعل، قصداً إلى المبالغة والتكثير. وقوله الدوانك علمٌ لموضعٍ. ودونك فيما أظنه مهملٌ.

ومالك بن نويرة قتل في الردة أيام أبي بكرٍ رضي الله عنه.

؟ وقال أبو عطاءٍ السندي

ألا إن عيناً لم تجد يوم واسطٍ ... عليك بجاري دمعها لجمود

عشية قام النائحات وشققت ... جيوبٌ بأيدي مأتمٍ وخدود

افتتح كلامه بألا، ثم أخذ يعظم أمر الفجيعة، ويبين موقعها من النفوس، وشدة تأثيرها في القولب، واشتراك الناس كافةً في الجزع لها، والهلع عليها، فقال: إن عيناً لم تتسخ بدمعها الجاري على هذا المرثي يوم واسطٍ لجمود الحجاج على المصائب، شديدة البخل بما في شئونها من الذخائر. والجمود: ضد الذوب، واستعماله في الدمع مجاز.

وقوله عشية قام النائحات بدلٌ من قوله يوم واسطٍ، وأسماء الزمان تضاف إلى الأفعال، وهو توقيتٌ وتحديدٌ، إلا أن فيه بياناً لتفظيع الشان. وعلى هذا ضبطهم لمدى الأوقات في ترتيب النوائب، والتنبيه على ما يتقدم من الأحداث أو يتأخر. ومعنى قيام النائحات، تهيؤها للنوح. وعلى هذا قولهم: قامت السيوف، وقوله تعالى: " إذا قمتم إلى الصلاة. وأصل التناوح: التقابل، يقال

<<  <   >  >>