قوله " فطرت بها " قيل أراد به حثثتها واستعجلتها في السير، فيكون طرت بها بمعنى أطرتها على هذا، كما يقال ذهبت بزيد وأذهبته بمعنى، ويجوز أن يكون المراد أني انتزعتها من عيون الباعة والمشترين، واختلستها وفزت بها، بدلالة أنه قال " وأعطيت فيها الحكم حتى حويتها ". والشجعاء: الجريئة القلب، وانتصب على الحال. والقرواء: الطويلة الظهر. والجرشع: المنتفخة الجنبين.
قوله " إذا عد مجد العيس " يريد إذا ذكرت مفاخر العيس ومناسبها قدم نسلها وقبيلها الذي يؤويها.
وقوله " وجدت أباها رائضيها وأمها " فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بمفعول وجدت الثاني، والمعنى: وجدت أباها وأمها رائضين لها، كأنها نتجت مروضةً مؤدبةً، فما حمد منها حصل لها وراثةً لا تعلما.
وقوله " أعطيت فيها " أي بذلت في تملكها ما احتكم بائعها واقترحه واستام بها، حتى حصلتها.
[وقال عنترة بن الأخرس]
لعلك تمنى من أراقم أرضنا ... بأرقم يسقي السم من كل منطف
تراه بأجواز الهشيم كأنما ... على متنه أخلاق بردٍ مفوف
الأراقم: الحيات. والكلام دعاءٌ على المخاطب وإن كان لفظه ترجياً وتأميلاً. ومعنى تمنى تمتحن. يقال: مني بكذا، أي بلي به وقاسى شره. ومعنى " يسقي السم من كل منطف " يريد من كل مقطر، لأن نطف الماء معناه قطر. وسمي الماء نطفةً لذلك. يريد أنه يرشح بالسم، فسموم جلده تقطر به. ولعل: طمعٌ وإشفاق. كذا قال سيبويه. ويستعمل بأن وبغير أن. يقال: لعلك أن تفعل كذا، كما تقول لعلك تفعل كذا.
وقوله " تراه بأجواز الهشيم " فالهشيم: اليابس من الأشجار والنبات، والقصد إلى النبات هنا. يقول: تراه يتخلل الهشيم ويتوسط أثناءه، فكأن على متنه بجلده الذي سلخه قطع بردٍ وشيه كالفوف، وهو البياض الذي يظهر في أظافير الأحداث. وجعله سالخاً ليكون أخبث.