للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمن وقع، ومؤثراً موجعا، ويكون حالاً للريب، والعامل فيه ما دل عليه لله ريب الحادثات.

فإن تك قد فارقتنا وتركتنا ... ذوي خلةٍ ما في انسدادٍ لها طمع

فقد جر نفعاً فقدنا لك إننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع

حذف النون من تك قد تقدم القول فيه. والمعنى إن فارقتنا والوهى بك لا يرقع، والخلة بك لا تسد، وحديث النفس بالطمع فيك لا يخطر بالقلب ولا يجول في الفكر، فقد جلب إلينا فقدك نفعاً، وهو أمننا من تسلط الجزع علينا لرزيئةٍ مستأنفةٍ، أو نكبةٍ معترضة، إذ كان خوفنا عليك، وحذرنا فيك. وقوله ما في انسدادٍ لها طمع في موضع الجر، لأنه صفةٌ لخلةٍ. يريد ما لنا طمعٌ في انسدادٍ من أجلها وبعدها يحصل. وجواب إن تك، الفاء مع ما بعدها من قوله فقد جر نفعاً، وإنما جلب الفاء لمخالفة الجزاء للشرط بكونه مبتدأ وخبرا، والمبتدأ محذوف كأنه قال: والأمر والشان قد جر فقدنا لك نفعاً. وقوله إننا أمنا إذا كسرت الهمزة من إن يكون على الاستئناف، ويكون جملة الكلام تفسيراً للنفع المستجد له، وإذا رويت أننا بفتح الهمزة يكون بمعنى لأننا أمنا، فيكون الكلام بياناً لعلة حصول النفع. ويجوز أن، يكون موضع أننا نصباً على البدل من نفعاً.

وقوله على كل الرزايا، على تعلق بقوله أمناً، يقال هو آمنٌ على كذا، وقد أمنت على مالي عند فلانٌ من امتداد الأيدي إليه، أي لا تمتد، كذلك أمنا على كل الرزايا من الجزع، أي لا نجزع. وأتى بلفظة العموم فيه، وهو كلٌ، إبذاناً بتساوي الخطوب عنده، وانحطاطها عن درجة المصاب به وفيه، حتى لا جزع يتجدد بعده لحادثٍ يحدث ولا يجوز أن يتعلق قوله على كل الرزايا بقوله: من الجزع، لأنه لو كان كذلك لكان في صلته، والصلة لا تتقدم على الموصول.

وقال بعض بني أسدٍ

بكى على قتلي العدان فإنهم ... طالت إقامتهم ببطن برام

كانوا على الأعداء نار محرقٍ ... ولقومهم حرماً من الأحرام

<<  <   >  >>