للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المراد مفهوم - ونبيعها فنصرف أثمانها إلى الخمر والإنفاق، ونضرب بالقداح عليها في الميسر عند اشتداد الزمان، فنفرقها في الضعفاء والمحتاجين إليها. وفي تعداد هذه الوجوه إبطالٌ لكل ما أوهم أو ادعى يلحق من العار في اقتنائها وادخارها. وروى بعضهم: " نحايي بها أكفاءنا " على أن يكون نفاعل من الحياة، أي نعايشهم بها ونجامل، وليس بشيءٍ، فلا تعرج عليه.

وقال آخر من بني فقعسٍ

أيبغي آل شدادٍ علينا ... وما يرغي لشدادٍ فصيل

مخرج هذا الكلام مخرج الكلام المتقدم، في أنه إنكار وتقريعٌ، وفيه إشارة إلى ما يتضمنه قول الآخر من التبخيل، وهو:

فلا والله ما لبني بربٍ ... ولا بحمي علي ولا سلائي

أي ما لهم يبغون علينا وحالهم في أنفسهم ما هو نهاية البخل والشوم، والدقة واللوم، حتى لا يحمل فصلٌ لهم على إرغاءٍ بأن يفصل بينه وبين أمه بنحرٍ أو هبةٍ، ضنا به، وإشفاقاً عليه. أي إنهم لا يسوغ لهم البغي مع هذه الحال. ويجوز أن يكون قوله " وما يرغي لشداد فصلٌ " يراد به ما لهم فصيلٌ فيرغى، كما قال الآخر:

ولا ترى الضب بها ينجحر

والمعنى: لا ضب بها فينجحر. يرميهم بالفقر والفاقة، وضعف المنة، وقصور الاستطاعة. ويقال: أرغى فلانٌ فصيله، وإذا حمله على الرغاء، وأرغى فلانٌ فلاناً وأثغى، إذا أعطاه إبلاً وغنماً. وروى بعضهم: " وما يرغي " بكسر الغين، أي لا يعمل بالفصيل ما يحمل أمه على الرغاء له. وليس بشيء.

فإن تغمز مفاصلنا تجدنا ... غلاظاً في أنامل من يصول

هذا تعريضٌ وإيعادٌ، فيقول: إن رزتمونا وجدتمونا غلاظاً على من يصول علينا،

<<  <   >  >>