للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: أترقع لفظه استفهام، ومعناه التقريع، فيقول: إنك تسعى في استعطاف الأباعد وإدنائهم، وإصلاح الفاسد من أحوالهم، رجاء التئام أمرك بهم، وقد أفت نفسك حظك من أقاربك، ومن تحد بهم عليك، لسعيك في إفساد أحوالهم، ونحت أثلتهم، وتضييع غيبتهم. وهذا رأى فائل، وتوفيق سيء. وقوله لم يقم لو هيك، يريد بالوهي الذي يحصل بك وبثلبك واغتيابك. وذكر الأديم مثل، أي لا يبقى أصله لتمزيقك، ولا يثبت صحته لتخريفك. ويقال: فلان صحيح الأديم، وفلان نغل الأديم. وفي المثل: أوسعت وهيا فارقعه.

وقوله فأما إذا عضت بك الحرب عضة، يريد: أنك إذا نابتك نائبة، وأصابتك من أزمات الزمان وعضاته أزمة، وألجأتك من مصارف الحرب ضغطة فإنك تستعطف عليك ذويك وعشيرتك، وتعتمد رحمتهم لك، وتطلب شفقتهم والأخذ بالفضل فيك. وقوله رحيم هو فعيل في معنى مفعول، أي إنك معطوف عليك مرءوم. وقوله وأما إذا آنست، يقول: أما إذا أمنت ووجدت من مضايقك رخاء، ومن شدائدك ليناص، على حسب عادة الدهر في تلونه، فإنك تخرج خصماً ألد لهم، نطلب إعلاق الحجج عليهم، وتسد أبواب الخير دونهم، وتصرف مفاتح الرشد عن وجوههم وطرقهم، وهذا غاية للؤم وسوء الاختيار. والألد: الشديد الخصومة، العسر الانقياد. وهو اليلندد واللندد. والخصوم: بنا المبالغة، وهو أبلغ من خصيم، لأنه أشد تباعداً من أبنية أسماء الفاعلين.

[وقال أرطأة بن سهية المرىء]

تمنت وذاكم من سفاهة رأيها ... لأهجوها لما هجتني محارب

معاذ الإله، إني بقبيلتي ... ونفسي عن ذاك المقام لراغب

ارتفع قوله محارب بفعلها وهو تمنت. فيقول: تمنت هذه القبيلة لما تحككت بي وهجنتني، وتشهت مقابلتي إياها بمثل ما فعلت، وذلك لخفة رأيها، وتناهي جهلها. فقوله وذاكم الواو واو الابتداء، وهي للحال، وذاكم ابتداء، ومن سفاهة خبره. وتلخيص البيت: تمنت محارب لما هجتني لأن أهجوها، وذاكم من

<<  <   >  >>