للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك قيل: (خير الأمور أوساطها) ولأن الغلو والإفراط مذمومان، كما أن القصور والتفريط مذمومان. و (تطول) في البيت معدي، لأنه بمعنى تغلب في الطول، فهو من طاولته فطلته.

وقوله (كأن دمقساً أو فروع غمامة) الدمقس: الحرير الأبيض. وفروع الغمامة، أشار إلى أطرافها وجوانبها والشمس تحتها، لأن تلك الأطراف بشعاع الشمس تشرق أبداً. والمعنى أنها لينة المجس براقة اللون، كأن الحرير وأطراف غمامة استكنت الشمس تحتها على متنها. وقوله (حيث استقر جديلها) تخصيص لما عمه قوله (على متنها) . والجديل، هو الوشاح، وما تشده المرأة في حقوها من الأدم المضفور. وليس هذا من عادات العرب. وإذا كان من لونين فهو البريم. وهذا يشد في أحقي الصبيان يدفع به العين.

[وقال عبد الله بن الدمينة الخثمعي]

ولما لحقنا بالحمول ودونها ... حميص الحشا توهي القميص عواتقه

قليل قذى العينين نعلم أنه ... هو الموت إن لم تلو بوائقه

قوله (ولما لحقنا) جوابه ما دل عليه البيت الثالث، وهو (عرضنا) . وأراد بالحمول الظعائن وأثقالها. وقوله (ودونها خميص الحشا) يريد قيمهن. فيقول: لما دعانا الشوق إلى اللحوق بالظعائن بعد تشييعنا لها، وإلى تجديد العهد بها، فأدركناها ودونها رجل قليل اللحم على بدنه، لطيف طي البطن، مديد القامة، حتى إن عواتقه، وهي النواحي من عاتقي الإنسان، تكاد أن توهي قميصه. وهذا مما تتمدح به العرب، لأن السمنة عندهم مذمومة.

وقد كشف عن هذا المعنى قول الآخر:

فتى لا يرى قد القميص بخصره ... ولكنما تفرى الفرى مناكبه

وقوله (قليل قذى العينين) يصف امتعاضه وقلة صبره على درن العار. ويقال: فلان لا يغضى على قذى، إذا لم يحتمل ضيماً. وقوله (نعلم أنه ع هو الموت) يصفه بشدة الحمية عند غضبه. وأن ناره لا يصطلى بها إذا غار على حرمه. والمعنى أنا

<<  <   >  >>