للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني بالزرق نصالاً مجلوةً قذذت بريش صقرٍ. والمضرحي: الكريم من الصقور، وقيل هو ما طال جناحاه منها؛ وتوسع فيه فقيل للسيد السري هو مضرحيٌ. وقال " كستها ريشها مضرحيةٌ " على المجاز، لما كان القذذ من جناحها. وجعل في القوادم - وهي كبار الريش - وفي الخوافي - وهي صغاره - أثاثةً وجثولةً، نفياً للحرق والفساد عنها. وذكر أثيثاً لأنه أجري مجرى الفعل، وتأنيث الخوافي ليس بحقيقي. وقوله " بجيشٍ تضل البلق في حجراته " يصفة بالكثرة - ألا ترى أنه جعل له حجراتٍ، وهي النواحي، واحدتها حجرةٌ. وفي المثل " يربض حجرةً ويرتعي وسطاً " - وأن البلق من الخيل على شهرتها إذا ضلت عن أربابها فذهبت في جوانبه لم يهتد إليها. وقوله " بيثرب أخراه " يعني مدينة الرسول عليه السلام. يريد أن جيشه يأخذ من الأرض، لكثرته، ما بين المدينة إلى الشأم.

إذا نحن سرنا بين شرقٍ ومغربٍ ... تحرك يقظان التراب ونائمه

لم يرض بما انتهى إليه من الوصف في كثرته، فزاد وقال: إذا سرنا بين مشارق الأرض ومغاربها طبقنا الأرض بكثرتنا، فتزلزل لنا الطريق المسلوكة وغير المسلوكة. واليقظان: ما وطئ بالأرجل وسلك، فكأن ترابه منتبهٌ. والنائم: الذي لم يوطأ ولم يسلك، فكأن ترابه نائمٌ. وقد أحسن ما شاء في الاستعارة، والطباق بالنوم واليقظة. فأما قول زهير:

يهد له ما دون رملة عالجٍ ... ومن أهله بالغور زالت زلازله

فقد حسنه التقسيم وإن كان شأوه مقصوراً عن شأو هذا.

وقال أنيف بن حكيمٍ النبهاني

جمعنا لهم من حي عوفٍ ومالكٍ ... كتائب يردي المقرفين نكالها

لهم عجزٌ بالحزن فالرمل فاللوى ... وقد جاوزت حيي جديسٍ رعالها

قوله " من حي عوفٍ ومالكٍ " أراد من حي عوفٍ ومالكٍ فاكتفى بالتوحيد عن التثنية. ومثل هذا الاكتفاء قوله في البيت الثاني " وقد جاوزت حيي جديسٍ رعالها " لأن

<<  <   >  >>