يقول: أرفع طمعك في تحصيل هذه الفرس، أبيت أن تأتي ما تستحق به اللعن، ودفعك عنها يقدر عليه بوجهٍ ما وبحيلة ما. والمعنى: إني لا أسعفك بها استبعتها أو استوهبتها، ما وجدت إلى الرد طريقاً، فلا تطمع فيه ما دامت لي هذه الحالة. وقوله ومنعكها أي منعك عنها. ويقال منعتك كذا، ومنعتك عن كذا، وأما المنعة العز فهو مصدرٌ كالحركة والجلبة من منع مناعةً مناعاً، فهو منيع.
وقالت امرأةٌ من طيئٍ
دعا دعوةً يوم الشرى يا لمالكٍ ... ومن لا يجب عند الحفيظة يكلم
يقول: استغاث هذا الرجل في يوم اجتماعنا بالشرى - وهو مكانٌ معروف اتفقت فيه وقعةٌ فنسب يومها إليه - استغاثةً وقال: يا لمالكٍ؛ ومن لا يجب. إذا استصرخ، ولم يغث إذا استنصر، يهتضم ويجرح. وقوله يا لمالكٍ اللام فيه للإضافة، وإنما فتح لأنه دخل على ما هو واقعٌ موقع المضمر، فكما يفتح لام الإضافة مع المضمر كذلك فتح مع المنادى لوقوعه موقعه. فإن قيل: فما المدعو؟ قلت: مالك، كأنهقال: دعائي لمالكٍ. والحفيظة: الخصلة التي يحفظ الإنسان عندها، أي يغضب. وكذلك الحفظة. قال:
وحفظةٍ أكنها ضميري
وقوله يكلم كناية عن الغلبة أو القتل.
فيا ضيعة الفتيان إذ يعتلونه ... ببطن الشرى مثل الفنيق المسدم
الفنيق: الفحل المفنق لا يركب لكرامته على أهله. والمسدم: الفحل الهائج الممنوع. ويقال: عتله يعتله ويعتله جميعاً، إذا قاده بعنف. ومعنى يا ضيعة الفتيان وإن كان لفظه لفظ النداء، معنى الخبر، كأنه قال: ضاع الفتيان جداً. فيقول على وجه التعجب والاختصاص: ما أضيع الفتيان في ذلك الوقت وفي تلك الحالة. كأنه لما لم ينصر في تلك الحالة ولم يحضره فتىً يعينه كان الفتيان ضائعين، إذ كانوا يعنفون في قودهم إياه، وهو كأنه فحل مشدود الفم خوفاً من صياله، فلا يناكر