فما أنفيك كي تزداد لؤماً ... لألأم من أبيك ولا أذلا
يقول: لا أبرئك من أبيك طلباً لأن أنسبك إلى من هو ألأم منه وأذل لتزداد ذلاً ولؤماً؟ لأن أباك النهاية في هذين. وانتصب لؤماً على التمييز، واللام من لألأم تعلقة بفعل مضمرٍ، كأنه قال: ما أنفيك من أبيك وأدعوك لألأم منه، لأنه إذا نفاه من أبيه فقد جعله لغيره. ويجوز أن يحمل الكلام فيه على المعنى، فيتصور أنفيك بأدعوك، وبعدى تعديته. ومثله قول الله عز وجل:" هل لك إلى أن تزكى ". وعلى هذا يحمل قول الفرزدق:
قد قتل الله زياداً عني
لما كان معناه صرفه الله عني. ومن أبيات الكتاب:
إذا تغنى الحمام الورق هيجني ... ولو تعزيت عنها أم عمار
لأنه تصور هيجني أنه ذكرني، فعدى تعديته.
[وقال آخر:]
أبوك حبابٌ سارق الضيف برده ... وجدي ياحجاج فارس شمرا
يقول: أبوك الذي سرق برد ضيفه وغدر به وخانه، وجدي فارس هذا الفرس المعروف. وسارق الضيف برده، أصله سارق برد الضيف، لكنه أضافه إلى الضيف بناء على قولهم سرقت الضيف برده، والمراد سرقت من الضيف، لكنه لما حذف الجار تخفيفاً وصل الفعل فعمل فيه، ثم أضاف اسم الفاعل إليه. وعلى هذا يقال اخترت الرجال زيداً: وشمر فعلٌ في الأصل سمي به الفرس، لأنه ليس في الأسماء شيءٌ على فعلٍ. ومثله خضم، وهو لقبٌ للعنبر بن مازن. وحبابٌ يجوز أن يكون بدلاً وسارق الضيف خبراً، ويجوز أن يكون حبابٌ خبراً وسارق الضيف صفةً، وهذا أجود حتى يكون في مقابلة فارس شمر. كأن المراد: أبوك المعروف بذا الاسم،