بالموت إذا كان على وجهه لا يتعقبه عارٌ، ولا يصحبه هوان. وكما جعل هذا الشاعر الرمح آلةً في صيد الأبطال، جعل غيره الصيد له لا به، فقال:
وإني لمن قومٍ تصيد رماحهم ... غداة الصباح ذا الحدورة والحرد
وقوله على شنء بيننا " في موضع الحال، يقال شنئته أشنؤه شنئاً ومشنأة وشنآنا.
وقلت له كن شمالي فإنني ... سأكفيك إن ذاد المنية ذائد
يقول: تعطفت عليه وأخذت بالفضل معه بعد استنصاره، وإظهار حاجته وإذعانه، ورسمت له الكون في الجانب الأيسر مني، واثقاً بحسن محافظتي، وجميل مدافعتي، ومعتمداً من جهتي على أني سأكفيه المحذور إن دفع الموت دافعٌ. والمراد: إن فعل أحدٌ من الناس ما لا يطاق من دفع المحتوم فعلته أنا معك، اعتناءً بأمرك، وإيثاراً لصيانتك، وتحرياً للمحاماة عليك. وإنما قال " كن عن شمالي " لأنه موضع المعان المنصور، واليمين موضع الناصر. يقال: أنا على يمينك وعن يمينك، أي ناصرك.
[وقال الوقاد بن المنذر]
لقد علمت عوذٌ وبهثة أنني ... بوادي حمامٍ لا أحاول مغنما
بهثة من سليمٍ، بطنٌ منهم، والبهثة في اللغة: ولد البغي. والبهث البشر وحسن اللقاء. والحمام، بضم الحاء: حمى الإبل والدواب. وفي طريقة هذا البيت قول عنترة:
يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعف عند المغنم
المعنى: والله قد علم هاتان القبيلتان أني في هذه الوقعة الواقعة بهذا الوادي لم أشتغل باجترار المنافع، واحتواء المغانم، وإنما قصرت سعي على طلب الثار، وإدراك الأوتار.