للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال عمارة بن عقيل]

من مبلغ عني عقيلاً رسالة ... فإنك من حرب على كريم

ألم تعلم الأيام إذ أنت واحد ... وإذا كل ذي قربى إليك مليم

وإذ لا يقيك الناس شيئاً تخافه ... بأنفسهم إلا الذين تضيم

تمنى أن يتفق من يبلغ عقيلاً عنه رسالته، فأتى بلفظ الاستفهام، والرسالة إنك من حرب على كريم، وما بعده. وبنى كلامه على الاستعطاف، ثم أخذ في التقريع. ومعنى قوله: إنك من حرب على كريم، إنك تكرم على من جملة من ينتسب إلى بني حرب.

وقوله: ألم تعلم الأيام تذكير له بخذلان عشيرته إياه، وتفرده بما كان يقاسيه، فيقول: أتذكر حين كنت فرداً وحيداً لا ناصر لك، وإذ كان كل قريب ونسيب لك مليماً عندك - والمليم: الذي يأتي بما يلام عليه - وحين لا واقي لك من شيء تخافه إلا الذين أنت تظلمهم الساعة. فقوله إلا الذين استثناء بدل، ويجوز أن يكون في موضع النصب على الاستثناء المطق، والضمير العائد إلى الذين من الصلة محذف، استطالة للاسم، والتقدير: تضيمهم، أي تظلمهم. وقوله: ألم تعلم الأيام، ألم: يقرر به فيما ثبت ووقع. ويروى الأيام بالرفع، والأيام بالنصب. فإذا رويت الآيام بالنصب يكون الخطاب لعقيل، ويكون تعلم بمعنى تعرف. والمعنى: أما عرفت الأيام التي كان حالك فيها ما ذكرت، وأتنسى تلك الأيام. والمراد بالأيام حوادث الدهر. وقوله إذ أنت ظرف لها، وإذا رفعت الأيام يكون المعنى: ألم تعرف الأيام حالتك وقصتك - والمعنى أهل الأيام وأصحاب الأيام - حين كنت كذا وكذا. فيكون الكلام على حذف المضاف.

أترفع وهي الأبعدين ولم يقم ... لو هيك بين الأقربين أديم

فأما إذا عضت بك الحرب عضة ... فإنك معطف عليك رحيم

وأما إذا أنست أمناً ورخوة ... فإنك للقربى ألد خصوم

<<  <   >  >>