بالبلاء الحسن حيي ذكره واسمه، وإن ذهب أثره وجسمه. وقوله: حياةً مثل أن أتقدم معناه حياةً تشبه الحياة المكتسبة في التقدم وبالتقدم.
فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما
أراد: لسنا نداميه الكلوم على الأعقاب. ولو لم يجعل الإخبار عن أنفسهم لكان الكلام ليست كلومنا بداميةٍ على الأعقاب. فيقول: نتوجه نحو الأعداء في الحرب ولا نعرض عنهم، فإذا جرحنا كانت الجراحات في مقدمنا لا مؤخرنا، وسالت الدماء على أقدامنا لا على أعقابنا. وقوله تقطر الدما إذا رويت بالتاء كان المعنى تقطر الكلوم الدم، فيكون الدما مفعولاً به. ويقال: قطر الدم وقطرته، وهذا وجهٌ حسن، وإن شئت جعلت الدم منصوباً على التمييز، كأنه أراد تقطر دماً، وأدخل الألف واللام ولم يعتد بهما، كقول الآخر:
ولا بفزارة الشعر الرقابا
ويجوز أن يروى يقطر الدما بالياء، ويكون الدما في موضع الرفع على أنه فاعل يقطر، لكنه رده إلى أصله فأتى به مقصوراً وإن كان الاستعمال يحذف لامه. ومثل هذا البيت قول القطامي:
ليست تجرح فراراً ظهورهم ... وفي النحور كلومٌ ذات أبلاد
نفلق هاماً من أناسٍ أعزةٍ ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما
يقول: نشقق هاماتٍ من رجال يكرمون علينا لأنهم منا، وهم كانوا أسبق إلى العقوق وأوفر ظلماً، لأنهم بدءونا بالشر، وألجؤونا إلى القتال، ونحن منتقمون ومجازون.