وقد عيب الشاعر بهذا فقيل: لم يرض بأن جعل لها محباً حتى صار يتحزن له. وقال بعض أصحاب المعاني: في هذا ظلم للشاعر، وذلك أن غرضه في التماسه محباً لها إشادة ذكرها، وإعلاء قدرها، وتشهيرها عند الناس حتى يصير لها الجاه عند السلاطين. قال: وكثير من نساء العرب طلبن التشبيب من الشعراء مع العفة، كعزة، وليلى، ومية. ولخلفاء بني أمية وأقرانها من الأمراء معهن محاورات.
ويروى عن بعض السلف الصالحين أنه حج، فلما قضى نسكه قال لصاحب له: هلم نتمم حجنا! ألم تسمع قول ذي الرمة:
تمام الحج أن تقف المطايا ... على خرقاء واضعة اللثام
والطريقة في تصرفه وتحسين قوله ما قدمته.
وأشنع من هذا قول الآخر:
أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ... أوكل بدعد من يهيم بها بعدي
وقد قيل في هذا أيضاً: إنه لو قال:
فلا صلحت دعد لذي خلة بعدي
لكان صواباً، سالماً مما يهجنه.
[أبو حية النميري]
رمته أناة من ربيعة عامر ... رقود الضحى في مأتم أي مأتم
فجاء كخوط البان لا متتابع ... ولكن بسيما ذي وقار وميسم
أناة أصله وناة، لأنه من الونى: الفتور والكسل.
والواو المفتوحة لم تبدل منها الهمزة إلا في أحرف قليلة، وهي أناة في صفة المرأة الثقيلة الناعمة؛ وأحد صفة وإسماً للعدد؛ وما جاء في الحديث من قولهم: أي مال أديت زكاته فقد ذهبت أبلته، يراد وباله. وقال أبو زيد: الأبلة في الطعام