للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومتى حصلت بين أقوام طوال القامات، قابلت طولهم بطول يدي فبهم، وأنلتهم معروفي حتى عظمت في أعينهم، وامتلأت من حبهم لي وميلهم إلى قلوبهم، فأنساهم طول باعي بالغطية قصر قامتي بين قاماتهم. وقوله (حتى يقال طويل) ارتفع طويل على أنه خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: هو طويل. أي يسلمون له فضيلة الطول عندهم.

وكم رأينا من فروع كثيرة ... تموت إذا لم تحيهن أصول

ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل.

هذا مثل ضربه للخصال المجتمعة في الانسان، لا تعد فضائل إلا إذا اقترنت بخصال أخر، وهي كالأصول لها. ومثال ذلك ما قدمه من ذكر عبالة الخلق إذا عربت من نباهة الخلق، وما شاكلها من صباحة الوجه إذا خلت من صحابة العقل. ثم قال: ولو أر شيئاً كإسداء المعروف وبث العطاء والإحسان، فإن من ذاقه استجلاه، ومن رآه استحسنه وارتضاه. وهذا تأكيد ما ذكر من قوله: (أصبتهم بعارفة حتى يقال طويل) .

[وقال عبد الله بن معاوية]

أرى نفسي تتوق إلى أمور ... ويقصر دون مبلغهن مالي

فنفسي لا تطلوعني ببخل ... ومالي لا يبلغني فعالي

قد مضى له أمثال، ومعناه ظاهر، ويروى: (لا يقوم له فعالي) .

[وقال مضرس بن ربعي]

إنا لنصفح عن مجاهل قومنا ... ونقيم سالفة العدو الأصيد

ومتى نخف يوما فساد عشيرة ... نصلح وإن نر صالحاً لا نفسد

<<  <   >  >>