فيها النيران، والفرقدان لا حلول فيه، وهذا يجري مجرى قولهم: هو مني مناط الثريا في أن المراد به التبعيد، ويجوز أن يريد بعدت منه بعد الفرقدين، ثم بين أن الفرقدين من النجوم، فيكون من النجوم تبييناًُ كقوله تعالى " فاجتنبوا الرجس من الأوثان ". ويجوز أن يريد بالنجوم نبات الأرض، لأن كل ما طلع فقد نجم، ويكون المعنى بعد الفرقدين من الأرض ومنابتها، ويكون في هذا المعنى شبه إلغازٍ فيضعف.
بين بهذا الكلام أنه اتقى بما فعل توجه الذم إليه من الناس، فيقول: أخطرت ببالي ما يتعلل به الفتيان في محافلهم ومجالسهم، وتقبيحهم من أخبار الناس ما يستحق بفعله أو بتركه عندهم ذمٌ، فيلحقون به اللوم، ويهجنونه في أحكام الفتوة. ومصدر قوله ذكرت الذكر بضم الذال لأن هذا كان بالقلب، والذكر بكسر الذال باللسان. والمليم: الذي يأتي بما يلام عليه. قوله تعلة مصدر عللته، فهي كالتقدمة والتكرمة. ويجوز أن يكون تسميتهم المعلل، وهو يومٌ من أيام العجوز، من هذا، كأنه يعلل الناس بشيء من تخفيف البرد.
[وقال الشداخ بن يعمر الكناني]
قاتلي القوم يا خزاع ولا يد ... خلكم من قتالهم فشل
يروى قالتوا وقاتلي على اللفظ مرة وعلى المعنى أخرى، وجعل النهي في اللفظ للفشل، والمراد لا تفشلوا. وهذا بعثٌ وتحضيض، فيقول: حاربي أعداءك يا خزاعة، ولا يتداخلكم الجبن والضعف منهم. وخزاعة، قال الخليل: هو من خزع عن أصحابه إذا تخلف، لأنهم تخلفوا عن قومهم بمكة أيام سيل العرم.
القوم أمثالكم لهم شعرٌ ... في الرأس لا ينشرون إن قتلوا