علمت وما عرفت. والثاني أن يكون حذف مفعول جهلت كأنه قال جهلت من عنانه الطويل مذلوله من العتق والنجابة، لأن الذي جهلته ذلك، إذ كان امتداد عنقه يدرك مشاهدة. والشاعر أبل يبين عذرها فيما أنكرته وعذر نفسه تفقده فرسه فقال: جهلت ما أعرفه من كرمه ونجابته، وما أتبينه وأستدل عليه من امتداد عنقه ولجاج جانبه، واعتراضه في مشيه، فلذلك استعظمت إيثاري إياه. وذكر العنان والقصد العنق لأن طوله بطولها، واللدد أصله في الخصومة، يقال خصمٌ ألد. وقوله إذا جياد الخيل إذا ظرفٌ لما دل عليه قوله في عطفه الألد. وقوله تردي في موضع الحال، والعامل فيه جاءت. والرديان: ضربٌ من المشي. قوله مملوءةٌ في موضع الحال، والعامل فيه تردى. والحرد: القصد، وفي القرآن:" على حردٍ قادرين "، أي على جدٍ من أمرهم، والمعنى: إذا جاءت الخيل العتاق قد حميت ونشطت فامتلأت غضباً، وصار مشيها ردياناً، كان في عطف هذا لددٌ واعتراضٌ، وفي مشيه اقتسار والتواءٌ. والعطف من كل شيء: جانبه من لدن رأسه إلى وركه. ويقال: ثنى عطفه، إذا أعرض وجفا.
[وقال آخر:]
لعمر أخيك لا ينفك منا ... أخو ثقةٍ يعاش به متين
قوله لعمر أخيك يجوز أن يريد بأخيك نفسه، كأنه قال لعمري. وجعل نفسه أخاه على طريق الاستعطاف وتلطيف الحال. ويجوز أن يكون المخاطب كان له أخٌ يعز عليه ويقسم بحياته، فاقتدى به في ذلك إعظاماً له وللمقسم به. ولعمر مبتدأٌ وخبره محذوفٌ، كأنه قال لعمر أخيك قسمي أو ما أقسم به. ومعنى لا ينفك: لا يزال. والمتين: كل صلب شديدٍ، والمصدر المتانة، وماتنةً، إذا حاكيته ففعلت مثل ما يفعله من الشدة. يقول: وبقاء أخيك لا يزال منا أخٌ يوثق بوده، ويحسن الظن بنيابته، ويعاش به وفي ظله، جلدٌ قويٌ عزيز.
مفيدٌ مهلكٌ ولزاز خصمٍ ... على الميزان ذو زنةٍ رزين